الإمام الحسين (عليه السلام) من أبرز من خلّدتهم الإنسانية في جميع مراحل تأريخها ومن أروع من ظهر على صفحات التأريخ من العظماء والمصلحين الذين ساهموا في بناء الفكر الإنساني وتكوين الحضارة الاجتماعية، وبلورت القضايا المصيرية لجميع شعوب الأرض.
لقد كان الإمام (عليه السلام) من أكثر المصلحين جهاداً، وبذلاً وتضحية، فقد انطلق الى ساحات الجهاد مع كوكبة من أهل بيته وأصحابه المنتجبين، ليقيم في ربوع العالم حكم القرآن وعدالة السماء الهادفة، وتدمير الجور، وإزالة الاستبداد والقضاء على الفساد، وإقامة حكماً عادلاً يجد فيه الإنسان أمنه وكرامته ورخاءه حسب ما تقتضيه عدالة الله في الأرض.
إنها مدرسة الأجيال الكبرى التي تفيض بالخير والعطاء على الناس جميعاً متفقين ومختلفين، فهي تغذيهم بالوفاء والصبر، وتعمل على توجيههم الوجهة الصالحة المتسمة بالكرامة وحسن السلوك، كما تعمل على تهذيب الضمائر، وتكوين العواطف، وتنمية الوعي، فهي أجدر بالبقاء من كل كائن حي، بل أحق بالخلود من هذا الكوكب الذي يعيش فيه الإنسان لأنها إطار لأسمى معاني الكرامة الإنسانية.
وليس في تأريخ الإسلام من هو أكثر عائدة ولطفاً وفضلاً على الإسلام من الإمام الحسين (عليه السلام) فهو المنقذ والمجدد لهذا الدين العظيم، الذي اجهزت عليه السياسة الأموية وتركته جريحاً على مفترق الطرق تنهال عليه عوامل الانحلال والانهيار من الداخل والخارج.
وقد أعلنت السلطة الاموية في السر والعلن انه لا دين ، ولا اسلام ، ولا وحي ، ولا كتاب ، يقول يزيد بن معاوية (لعنة الله): لعبت هاشم بالملك فلا خبر جاء ولا وحي نزل، ويقول الوليد بن يزيد (لعنة الله): تلعب بالخلافة هاشمي بلا وحي اتاه ولا كتاب، واذا استعرضنا مآثرهم فلا نجد إلا الكفر والإلحاد والمروق من الدين ولا إيمان بالله واليوم الآخر او يرجو وقاراً للإسلام حيث لم يدخل أي بصيص من نور الإسلام في قلوبهم ومشاعرهم ، وانما ظلت نفوسهم مترعة بروح الجاهلية ونزعاتها ، لم تتغير فيهم أي ظاهرة من ظواهر الكفر بعد ارغامهم على الإسلام، فكانوا يحملون الحقد والعداء للرسول محمد ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، ويكفرون بجميع ما جاء به من هدى ورحمة للناس .