كان عابس بن أبي شبيب الشاكري ممِّن أُشرِبوا حُبّ الإمام الحسين (عليه السلام)، لذلك استجاب لنُصرة الإمام الحسين حينما قرأ مسلم بن عقيل كتابه على الشيعة في الكوفة، ومما قاله عابس حينها: أمَّا بَعْدُ، فإني لا أخبرك عن الناس، ولا أعلم ما في أنفسهم، وما أغرّك منهم، والله لأحدّثنك عمّا أنا موطِّن نفسي عليه، والله لأجيبنكم إذا دعوتم، ولأقاتلن معكم عدوكم، ولأضربن بسيفي دونكم حتى ألقى الله، لا أريد بذلك إلا ما عند الله.
وكان عابس من المميَّزين يوم الطف بالجهاد بين يَدَي أبي عبد الله (عليه السلام)، وقد استأذن ذلك اليوم إمامه بالقتال قائلاً: يا أبا عبد الله، أما والله ما أمسى على ظهر الأرض قريب ولا بعيد أعزّ عليَّ ولا أحبُّ إليَّ منك، ولو قدرتُ على أن أدفع عنك الضَّيْم والقَتْل بشيء أعزّ عليَّ من نفسي ودَمي لفعلتُه، السلام عليك يا أبا عبد الله، أشهد الله أنّي على هَدْيك وهَدْي أبيك، ثُمَّ مشى بالسيف مُصلتاً نحوهم وبه ضربة على جبينه.
ومما أُثِر عن شجاعة عابس أن ربيع بن تميم وكان ممّن شهد ذلك اليوم، قال: لما رأيته مُقبِلاً عرفته وقد شاهدته في المغازي، وكان أشجع الناس، فقلت: أيُّها الناس، هذا الأسد الأسود، هذا ابن أبي شبيب، لا يخرجن إليه أحد منكم، فأخذ ينادي: ألا رجل لرجل، فقال عمر بن سَعْد: أرضخوه بالحجارة، قال: فرُميَ بالحجارة من كل جانب، فلما رأى ذلك ألقى درعه ومغفره، ثم شدَّ على الناس، فو الله لرأيته يكَرُد (أي يدفع ويطرد) أكثر من مائتين من الناس، ثُمَّ إنهم تعطّفوا عليه من كل جانب، فقُتِل، قال: فرأيتُ رأسه في أيدي رجال ذوي عدة، هذا يقول: أنا قتلتُه، وهذا يقول: أنا قتلته، فأتوا عمر بن سَعْد فقال: لا تختصموا، هذا لم يقتله سِنان واحد، ففرَّق بينهم بهذا القول.
يُراجع:
تاريخ الرسل والملوك للطبري، ج5، ص355، 444.