8:10:45
شعبة الدراسات التخصصية في كربلاء: نافذة حديثة لاستكشاف كنوز التاريخ والحضارة في كربلاء إرث أدبي نادر من القرن التاسع عشر في مكتبة مركز كربلاء للدراسات والبحوث ندوة تعريفية بالمؤتمر الدولي التاسع لزيارة الأربعين من بساتين كربلاء إلى قلوب المؤمنين..مرقد السيد محمد الأخرس خذلوا الحق و لم ينصروا الباطل (نصرة الحق و عدم الحياد) ... محمد جواد الدمستاني تقاليد شعبية كربلائية ..زفة ختم القرآن الكريم ..زين العابدين العبيدي جمال الفنون الإسلامية بين دفتيّ كتاب... "كشكول الزخرفة العربية" في مكتبة مركز كربلاء دور الكربلائيين في إلغاء معاهدة بورتسموث 1948م سوق الدهان - بعيون كربلائية 2024 || suq aldihaan - Oyoun Karbala 2024  ألف عام من التاريخ والجغرافيا... مكتبة مركز كربلاء تحتضن نسخةً أصلية من "كتاب البلدان" استمرار الدورة الفقهية في مركز كربلاء للدراسات والبحوث السيد محمد كاظم القزويني .. سيد خطباء كربلاء إدارة المركز تعقد اجتماعاً مهماً مع الهيئة الاستشارية إعلان ملف المؤتمر العلمي الدولي التاسع لزيارة الأربعين الفقر معنا خير من الغنى مع غيرنا، و القتل معنا خير من الحياة مع عدوّنا ... محمد جواد الدمستاني توقيع مذكرة تعاون مع شركة إسبانية لإنشاء سكة قطار (مهران الكوت كربلاء) صدور كتاب جديد عن مركز كربلاء للدراسات والبحوث بعنوان "الإرشاد التربوي وتطبيقاته في الأسرة والمجتمع" الجمعية الإسلامية في كربلاء .. نواة الحركات الوطنية في العراق كنز من تاريخ العراق الحديث... "دليل المملكة لعام 1936" في مكتبة مركز كربلاء إدارة المركز تعقد اجتماعها الدوري
اخبار عامة / أقلام الباحثين
01:29 AM | 2023-09-18 2830
جانب من تشيع الشهيد زكي غنام
تحميل الصورة

المخيم الحسيني.. مواقد نيران ودموع غمام.. المخيم الحسيني والشعائر الحسينية(الحلقة التاسعة والعشرون)

ثانياً : مواكب يوم العاشر

1-التطبير:

إنّ عادة شجّ الرؤوس في صباح يوم عاشوراء من كل عام، انتقلت إلى كربلاء أيام الملا أغا الدربندي وهو الذي كان يقوم بهذه الممارسة أثناء مواجيده اللاواعية لفرط حبّه بالأمام الحسين عليه السلام.

حكى الشرقي: إنّ عدد من الشيعة القفقاسيين جاؤوا إلى كربلاء وكان بحوزتهم سيوف باعتبارها تمثل أسلحتهم التي تحمي قوافلهم من قطاع الطرق إذ إنهم يستخدمون ظهور الحيوانات في سفرهم. وفي إحدى زياراتهم الى كربلاء يوم العاشر من المحرم وكانت المدينة صورة صادقة للحزن، حيث نشر السواد في المساجد والجوامع وواجهات المحال والبكاء واللطم والحزن على أتمّه، ومقتل الحسين يقرأ في الشوارع او في الصحن الحسيني الشريف واتفق أن يكون أحد القفقاسيين جاهلاً بهذه الأمور وبعد أن شرحوا له هول الفاجعة فأصبح في حالة لا يطيقها فأثر ذلك في نفسه وأفقده صوابه فسل سيفه وضرب رأسه. 

زاد الشرقي قائلاً: استحسن أحد رؤساء مواكب العزاء (وكان تركياً) هذه العملية فنظم في السنة التي تلت تلك الحادثة عزاء مكوناً من مجموعة صغيرة من الافراد يلبسون الاكفان ويحملون السيوف. ذهب بهم إلى المكان المعروف اليوم بالمخيم (خيمكاه).

ثمة رواية أخرى تفيد ان الشيعة من أتراك أذربيجان وتبريز وقفقاسية قدموا العراق لزيارة العتبات المقدسة في النصف الأول من القرن التاسع عشر الميلادي فدخل جماعة منهم في العاشر من محرم الحرام الى صحن الحسين عليه السلام واجتمعوا قرب الباب المعروف اليوم بالزينبية ومعهم القامات وهو سلاحهم التقليدي الذي يلازمهم خلال سفرهم. ثم أقاموا مجلساً للتعزية في المكان المذكور . وأخذ مقرؤهم يشرح لهم واقعة الطف باللغة التركية بشكل أهاج مشاعرهم فأخرجوا قاماتهم وأخذوا يضربون رؤوسهم دون أن يحلقوها بشكل عنيف.

ويقول سلمان آل طعمة: ففي اليوم الثامن 8 محرم كان الأتراك يخرجون ليلاً في موكب مهيب، وهم يرتدون الثياب البيضاء القفقاسية الصنع، كما يرتدون (كلاو فرو) على رؤوسهم، وعلى الصدور (دميري) أسود اللون يصل إلى حدّ الركبة، وبنطلون عليه (كمرجين) والحزام خيط خراطة، وفي الأرجل (بوتين) ويجرون التمرينات متحمسين، استعداداً ليوم عاشوراء. وتسمى هذه التمارين (بالمشق) وأنّ ألهيآت والمواكب الكربلائية تؤدّي هذه التمرينات يوم التاسع ليلاً بعد إنتهاء مواكب اللطم (الأطراف) حاملة (السيوف والقامات)؛ وهي تجوب منطقة بين الحرمين الشريفين وتنادي (حيدر حيدر) بصوت واحد، يتقدمهم قارعي الطبول والنقارات. 

يبدأ عزاء التطبير بعد أداء صلاة الصبح يوم العاشر من المحرم من كل عام، إذ تنطلق المواكب وإلهيآت من مقراتها متوجهة إلى المخيّم الحسيني وبعدها إلى العتبة الحسينية المقدسة ثمّ العتبة العباسية المقدسة. وبلغ عدد المواكب والهيأت المشتركة في التطبير لهذه السنة 1442هـ حوالي (55) موكباً وهيأة.

 2- عزاء طويريج:

جاءت تسمية عزاء ركضة طويريج نسبة إلى المدينة التي انطلق منها، وهو قضاء الهندية أحد أقضية محافظة كربلاء المقدسة، ويبعد عنها عشرون كيلو متراً تقريباً شرقاً. وانطلق هذا العزاء الشهير على ما هو عليه الآن حدود عام (1300هـ/1882م) مؤسسه العلامة السيد مرزة صالح بن السيد مهدي الكبير القزويني المتوفى عام 1304هـ / 1886م[1].

قال الشيخ داعي الحق: إنّ ثلة كبيرة من أهالي طويريج، كانوا ينظمون عزاءً مواساة منهم لإمامهم الشهيد، يخرجون من مكانهم في الصباح الباكر مشياً على الأقدام ويصلون كربلاء وقت الظهر وهم ما بين نادب، وصارخ، ومعول وباكٍ، ومناد ولاطم ومفجوع، وثاكل، يلطمون على صدورهم، ورؤوسهم، ويصرخون (ياحسين، ياحسين) تلك الجماهير الغفيرة والمحتشدة جذبت القلوب وأحرقتها، وأسبلت الدموع وفجرتها، فما إن لاح منهم سواد، وإذا بأهالي مدينة كربلاء تعلو أصواتهم (ياحسين، ياحسين)، ويلطمون صدورهم ورؤوسهم، يشاركونهم المصاب والخطب الجسيم، والرزء الذي بكت له الحور في الجنان، والحيتان في البحار والطير في السماء أجل حتى الصخر تفجر بكاءً، تفجر دماً على هذه الرزية.

يقول سلمان طعمة: إنّ عزاء طويريج كان يبدأ مسيره من قنطرة السلام فشارع الجمهورية ماراً بشارع قبلة الإمام الحسين داخلاً إلى العتبة الحسينية من باب القبلة، ثمّ يخرج من باب الشهداء ماراً بشارع علي الأكبر - بين الحرمين - متوجهاً إلى العتبة العباسية، وبعد الطواف في الحضرة العباسية؛ يتوجه إلى المخيّم عن طريق شارع العباس فشارع الجمهورية فشارع المخيم.

وترافق عزاء طويريج عند توجهه إلى المخيّم الحسيني تشابيه تعيد إلى الأذهان ما قام به جيش عمر بن سعد (لعنه الله) ظهيرة يوم العاشر من المحرم بحرق خيام آل الرسول، إذ يقوم ثلة من أهالي مدينة كربلاء بهذه التشابيه باسم (عزاء حرق الخيام) الذي أسّسه كل من المرحوم حمود السلمان، والمرحوم الحاج رضا الفحام، والمرحوم محسن الحاج رحيم في خمسينيات القرن الماضي. 

ويتكون الموكب من كوكبة من خدمة سيد الشهداء عليه السلام يمثلون جيش عمر بن سعد يرتدون الملابس الحمراء حاملين المشاعل موقدة فيها النيران يمتطون الخيول، ومحل انطلاقهم من منتصف شارع الجمهورية من - نقطة حمام البغدادي- تقريباً باتجاه المخيّم الحسيني، إذ هناك خيم صنعت من القماش[2] منسقة واحدة جنب الأخرى بأحجام مختلفة منصوبة في الساحة المقابلة للمخيم الحسيني. إذ كان يقوم بنصب هذه الخيام مجموعة من خدمة سيد الشهداء عليه السلام منهم الحاج رياض نعمة السلمان، وإسماعيل الكماجي، وجودي الصفار، ورضا الفحام، والسيد علي السيد هاشم الرسام، ورضا الوزني وغيرهم. وعند وصول الأشخاص الذين يمثلون جيش عمر بن سعد إلى ساحة المخيّم يقومون بالهجوم على الخيام المنصوبة، وإضرام النار فيها في مشهد تمثيلي درامي، عندها يتعالى صراخ الناس الحاضرين لمشاهدة ذلك.

 

3- ليلة الغربة: 

إعتاد أهالي مدينة كربلاء المقدسة من خلال مواكب الأطراف والمهن، منذ زمن بعيد أن يقوموا بعد مغيب شمس يوم العاشر من المحرم من كل عام بالإنطلاق من تكايا المواكب، وهم حاسروا الرؤوس حاملوا الشموع الموقدة، تكون المدينة قد أُطفئت إنارتها بالكامل فلا إضاءة في شوارعها وطرقها متجهين صوب المخيّم الحسيني مروراً بالعتبتين المقدستين الحسينية والعباسية، وينفرد موكب عزاء طرف باب بغداد بالنزول عصراً، إذ يخرج أبناء الطرف حاملين الشموع، ولاطمين الصدور حزناً لمصاب الإمام الحسين عليه السلام وأهل بيته وصحبه. وينطلق عزاء طرف باب بغداد عصر يوم العاشر من أمام مقر تكية الطرف، ثمّ يتجه العزاء كعادته في ليالي المحرم إلا أنّ المعزّين يقيمون مجلساً حسينياً في صحن أبي الفضل العباس عليه السلام ، ويقام مجلس آخر في صحن أبي عبد الله الحسين عليه السلام. ويتجه العزاء بعد ذلك إلى المخيم الحسيني، مرددين:

هــاي إديــــــار أهلنة

 

ويـــــــن أهاليـــهـــــا

ظلّــــت خــاليـــــــــة

 

يِنْعى الوحش بيهــــا

 

    وفي ختام مسيرة العزاء؛ يقام مجلس حسيني في المخيم الحسيني. وهذه التقاليد تستند في حقيقتها إلى أفعال المعصومين عليهم السلام قال الصدوق: وروي أنّه: (لما قبض أبو جعفر الباقر عليه السلام لم يزل أبو عبد الله عليه السلام يأمر بالسراج في البيت الذي كان يسكنه حتى قبض أبو عبد اللهj، ثمّ أمر أبو الحسن موسى بن جعفر عليه السلام بمثل ذلك في بيت أبي عبد الله عليه السلام حتى أخرج به إلى العراق، ثمّ لا يُدرى ما كان. كما ورد في الرسائل العملية استحباب إضاءة البيت الذي يسكنه المتوفى. 

تنطلق المواكب في عزاء مهيب يهزّ المشاعر، إذ تمتزج فيه مشاعر الحزن والأسى بدموع تذرف، وقد اختلطت بأضواء الشموع المحمولة بأيادي المواسين لآل بيت النبوة عليهم السلام بفاجعة الطف الأليمة، إذ يخرج الآلاف من الرجال والنساء والأطفال في مسيرات راجلة متعاقبة؛ تسير ببطء للتعبير عن الحزن العميق والشعور بالأسى على فقد الأحبة من آل النبي المصطفى عليه السلام ، وبقاء النساء الثكالى والأطفال اليتامى في البيداء دون وليّ، ترعاهم عقيلة بني هاشم وفخر المخدرات السيدة زينب عليها السلام ، بعد أن فرّوا على وجوههم في الصحراء؛ إثر حرق الخيام وهجوم الخيل عليهم.

والهدف من هذه الشعيرة الحسينية؛ تقديم العزاء والمواساة لزينب والعيال تخفيفاً لوطء الغربة والوحشة على قلوبهم، وتسلية لهم عمّا نزل بهم من مصائب جمّة، ورزايا عظيمة، وتعرف هذه الليلة عند أهالي كربلاء بــ(ليلة الغرباء)؛ وهي ليلة الحادي عشر من محرم الحرام.

ومن المعلوم إنّ موكب الشموع قد أسّس من عهد بعيد، ويتسم بالروحانية الشديدة التي تبعثها الشموع المتقدة وسط ظلام المدينة المفجوعة. فضلاً عن أنّ مشاركة النساء والأطفال في هذه المراسيم تعطي صورة حية عن البقية الباقية من أهل البيت عليهم السلام ، إذ لم يبق إلا الحرائر المخدرات من بيت النبوة، ونساء أصحاب الحسين عليه السلام المستشهدين بين يديه يوم العاشر من المحرم.

وجموع المعزّين المكلومين بشهادة سيد الشهداء عليه السلام يسيرون مردّدين الأهازيج الحزينة، منها:

عمّه يا عمّه

 

وين أبونا حسين؟

تصرخ الطفلة

 

وتهمل العينين

 

وآخر:    كومي يا زينب

 

سكتي هالأطفال

               ونشدي أبونا حسين

 

خل يشوف الحال

 

وآخر: يطارش من تصل لأرض المدينة

 

صيح ابكربله ذبحوا ولينه

وآخر:   يا فاطمة قومي إلى الطفوفِ

 

 هذا حسينٌ طعمة السيوف

وآخر:       الأرض تبكي والسما واويلاه

 

هذا حسين بالعرا واويلاه

 

   وآخر:       هالليلــــــــه زينب غريبه ابكربله

 

 

دكعد يخويه وبــــــــــــــاري العائله

     وآخر:            زينب أمست اليوم عكب العز يسيره

 

 

اشحاله الفاكده الخوان بأرض الغاضريه.

     

 

قال السيد ابن طاووس: وتسابق القوم على نهب بيوت آل الرسول وقرة عين البتول، حتى جعلوا ينتزعون ملحفة المرأة على ظهرها، وخروج بنات آل رسول الله صلى الله عليه وآله وحريمه يتساعدن على البكاء، ويندبن لفراق الحماة والأحباء. وروى حميد بن مسلم قال: (رأيت إمرأة من بني بكر بن وائل كانت مع زوجها في أصحاب عمر بن سعد، فلما رأت القوم قد اقتحموا على نساء الحسين عليه السلام وفسطاطهن وهم يسلبونهن، أخذت سيفاً وأقبلت نحو الفسطاط وقالت: يا آل بكر بن وائل، أتسلب بنات رسول الله صلى الله عليه وآله ؟ لا حكم إلّا لله، يا لثارات رسول الله صلى الله عليه وآله ، فأخذها زوجها وردّها إلى رحله. فقال الراوي: ثمّ أخرجوا النساء من الخيمة، وأشعلوا فيها النار، فخرجن حواسر مسلبات حافيات باكيات يمشين سبايا في أسر الذلة. وقلن: بحق الله إلّا ما مررتم بنا على مصرع الحسين عليه السلام ، فلما نظر النسوة إلى القتلى صحن وضربن وجوههن قال: (فو الله لا أنسى زينب بنت علي عليها السلام تندب الحسين عليه السلام وتنادي بصوت : حزين وقلب كئيب: يامحمداه؛ صلى عليك ملائكة السماء، هذا حسين بالعراء، مرمل بالدماء مقطع الأعضاء، وبناتك سبايا، إلى الله المشتكى، وإلى محمد المصطفى، وإلى علي المرتضى، وإلى فاطمة الزهراء، وإلى حمزة سيد الشهداء. يا محمداه! هذا حسين بالعراء تسفي عليه الصبا، قتيل أولاد البغايا، واحزناه واكرباه عليك يا أبا عبد الله، اليوم مات جدّي رسول الله، يا أصحاب محمد، هؤلاء ذرية المصطفى يساقون سوق السبايا.

وفي ليلة الحادي عشر وأهوالها قال المقرم: (يا لها من ليلة مرَّت على بنات رسول الله صلى الله عليه وآله بعد ذلك العزّ الشامخ الذي لم يفارقهن منذ أوجد الله كيانهن، فلقد كنّ‏ بالأمس في سرادق العظمة وأخبية الجلالة تشعّ نهارها بشمس النبوة، ويضي‏ء ليلها بكواكب الخلافة ومصابيح أنوار القداسة، وبقين في هذه الليلة في حلك دامس من فَقد تلك الأنوار الساطعة بين رحل منتهب، وخباء محترق، وفرق سائد، وحماة صرعى ولا محامٍ لهنّ‏، ولا كفيل لا يدرين من يدفع عنهنّ‏، إذا داهمهنّ‏ داهم، ومن الذي يرد عادية المرجفين، ومن يسكن فورة الفاقدات، ويخفّف من وجدهنّ‏. نعم كان بينهن صراخ الصبية، وأنين الفتيات، ونشيج الوالهات، فأمّ طفل فطمته السهام، وشقيق مستشهد، وفاقدة ولد، وباكية على حميم، وإلى جنبهنّ‏ أشلاء مبضعة، وأعضاء مقطَّعة، ونحور دامية وهنّ‏ في فلاة من الأرض جرداء... وعلى مطلع الأكمة جحفل الغدر تهزهم نشوة الفتح، وطيش الظفر، ولؤم الغلبة، وعلى هذا كله لا يدرين بماذا يندلع لسان الصباح، وبماذا ترتفع عقيرة المنادي، أبالقتل أم بالأسر؟ ولا من يدفع عنهنّ‏ غير الإمام العليل عليه السلام الذي لا يملك لنفسه نفعاً، ولا يدفع ضراً، وهو على خطر من القتل).

ومرضعةٍ هبّت بها  لرضيعه

 

عواطفُ أُمٍّ أثكلتْ طفلها صبرا

رأت مهدَهُ بالحزن يطفحُ بعدَه

 

وقد كان فيه قبلُ يطفحُ بالبُشرى

وأثقلَ ثدييها من الدرِّ خالصٌ

 

على طفلها فيه تعوّدت الدرّا

فخفّت إلى مثوى الرّضيع لعلّها ترى

 

رمقاً فيه يُغذّى بما درّا

فلم ترَ إلّا جثّةً فوق مذبحٍ بها عَلُقَ

 

السّهمُ الذي ذبح النحرا

فحنّت وأحنت فوقَهُ من تعطّفٍ

 

أضالعَها ظِلّاً تقيه به الحرّا

وضمّتهُ مذبوحَ الوريد لصدرها

 

ومن دمِهِ المسفوحِ خضّبت الصّدرا

وودّت ومن أوداجِهِ تَنفَحُ الدّما

 

لو أنّ بذاك السهم أوداجُها تُفرا

وأضحت على مثواهُ تُفْرِغُ قلبَها

 

حنيناً فترثيه بما يفضلُ الشّعرا

فطوراً تناغيه وطوراً بلهفةٍ

 

تعانقُ جِيداً منه قد زيّن الدّرا

وتعطفُ طوراً فوقَهُ فتشمُّهُ

 

بمنحَرِهِ الدّامي وتلثمُهُ أخرى

 

 

 

Facebook Facebook Twitter Whatsapp