ثمار من شجرة سيّد الشهداء عليه السلام
بقلم/ محمد طهمازي
إن الحضارة بمفهومها الشامل تعني النتاج الفكري والثقافي والمادي المتراكم لأمةٍ من الأمم والذي يمنحها هويتها التي تميّزها عن الأمم الأخرى من حيث العادات والتقاليد وأسلوب الحياة والملبس والمأكل ونوعية القيم الدينية التي تتمسك بها والنظم الأخلاقية التي تتصف بها.
وطالما دخلنا في منطقة الهوية فلابد لنا من إعطائها حقها في البحث لما لها من دور محوري في حضارات الأمم .. يتم تعريف الهوية بأنها مجموعة من العلامات والخصائص من أشكال مختلفة، تمنح الذات استقلاليتها وتمايزها عن الآخر، وبغياب هذه العلامات والخصائص تتوارى الذات عن المشهد وتذوب في الآخر ذي الهوية الحاضرة, مهما امتلكت الأمة الإسلامية, كمثال, من عقول وتقنيات وأموال لكنها حينما لا تتميز في خواصها ونظمها المجتمعية والأخلاقية والثقافية ... عن الأمم الغربية فهي لن تكون أمة إسلامية بل هي أمة تابعة للأمم الغربية وللثقافة الغربية وللحضارة الغربية وأكرر كلمة "تابعة" لأنها ليست جزء من تلك الأمم ولا من تلك الحضارات بل هي أمة بلا هوية مهما وضع جنب اسمها من مسميات.
إن الهوية هي مجموع الطرق التي يعبّر الناس بها ذواتهم أو ملّتهم أو دينهم ومن ثمّ يُعْرفون بها، وتتمظهر الهوية في اللغة والدين والثقافة. والهوية بطبعها تبتعد عن عقلية الطيف الواحد والعرق الصافي، وتتخذ مسارًا تعدديًّا تكامليًّا إذا تم وضعها ضمن نسق متزن وتدبير يُحكِم تجانسها، فيما تتخذ منحى عنفيًّا عدوانيًّا إذا تم إهمالها ووجدت من يُسيء فهمها واستخدامها.. إن بمقدور الهوية أن تكون عنصرًا فاعلاً لتوحيد المجتمع ودفعه نحو منجزات تنموية وإبداعية, في ذات الوقت يمكن للهوية التي تسودها العشوائية والتخبط وعدم الوعي أن تتحوَّل إلى أداة تمزق نسيج المجتمعات وتفكك أطيافها.
بإمكاننا القول أن الحسين هوية الهويات، فقد ثبت أن لهوية الحسين التي تتجاوز اللغات والقوميات فعل نادر في نفوس الأفراد والمجتمعات.. وبحضور الهوية الحسينية تحضر ذات الثورة الحسينية وذات الأمة الحسينية وبالتالي تحضر ذات الحضارة الحسينية.
يتبع .....