- نينوى
ذكر أرباب التواريخ والمقاتل أنّ الإمام الحسين عليه السلام نزل نِيْنَوى - ونينوى اليوم هي في شرق كربلاء، في الأراضي الممتدة من (فريحة حالياً) وما جاورها إمتداداً حتى منطقة باب طويريج. وبعض آثارها شاخصة إلی يومنا هذا بمحاذاة (الغاضرية) التي هي اليوم قضاء الحسينية ، ومنطقة الهيّابي هي من ضمن الغاضرية إيضاً، ونينوى نزلها الإمام قادماً من قصر مقاتل، ومنها انتقل إلى (شُفية).
- شُفية
وهي من قرى كربلاء، وإن أهملها أكثر أهل المقاتل، وأهملها الحموي أيظاً، قال المظفر بأنه: لم يضبط لفظها ضبطاً دقيقاً، فإنّها وردت في حديث نزول الحسين عليه السلام بكربلاء، وسمّاها بعضهم (السقبة) بالسّين المهملة والقاف المنقطة بنقطتين، ثمّ الباء المنقطة بواحدة، ومنهم من سماها (الشفية) بالشين المعجمة المنقطة بثلاث ثمّ فاء منقطة بواحدة ثمّ ياء منقطة باثنين.
قال الطبري: ((وأخذ الحر بن يزيد القوم بالنزول في ذلك المكان على غير ماء ولا في قرية، فقالوا: دعنا ننزل في هذه القرية- يعنون نينوى، أو يعنون الغاضرية، أو هذه الأخرى يعنون شفية- فقال: لا والله، ما أستطيع ذلك؛ هذا رجل قد بعث إليَّ عيناً)). وسمّاها الدينوري السقبة وعن شفية أنشد الشيخ عبد الواحد المظفر:
سائل شفية من مناخ ابن النبي |
|
في أرضها الجرداء يفديه أبي |
هل حلَّئته عن الورود بنو الخنا |
|
فبقى ثلاثاً ظامئاً لم يشرب |
جاء الحديث فصحَّ أنّ رضيعه |
|
شفتاه قد ذبلت فما ذنب الصبي |
ويغلب الظن أنّ أراضي كربله في (حكيمة) باصطلاح اللغة الدارجة (حجيمة)؛ هو موقع قرية شفية. والظاهر أنّ هناك اسماً آخر لهذا الموضع هو (عقيرا) أو (عقير) ، وحسب المنظومة الشعرية للشيخ عبد الواحد المظفر:
فسل عقر الطفوف تجدْ لديه |
|
تفاصيلاً لفاجعة الطفوفِ |
غداة ابن النبي أناخ فيه |
|
بثقل الوحي والنسل الشريفِ |
ولم تصدقه كوفان بوعد |
|
وفي الأمثال كوفي ليس يوفي |
يستدلّ من ذلك؛ أنّ موقع شفية وعقيرا ضمن أراضي كربله (قنطرة السلام حالياً)، وتمتد حتى (شارع ابن الحمزة). وكذلك عقير أو عقيرا هي مقبرة وادي أيمن اليوم (شارع ابن الحمزة)، وهذا يتطابق مع دلالة القول بأنّ في كربلاء (مخيمين) للركب الحسيني، وأنَّ المخيم الحالي يمثل رمزية المخيم الثاني للإمام عليه السلام. وأنَّ ما ذكره الخوانساري من أن الشيخ الكفعمي عمل لنفسه أزجاً
في قرية عقيرا. والنصوص المتقدِّمة قادتنا إلى تحديد المنطقة التي نزل بها الإمام الحسين عليه السلام ونصب خيامه فيها قبل أن يرتحل إلى موضع استشهاده؛ بدلالة أنّ بعض أرباب المقاتل لم يذكروا شفية، ولا العقر، بل ذكروا أنّ الإمام نزل كربلاء.
قال ابن سعد: فنزل - الإمام الحسين عليه السلام -قصر بني مقاتل، فخفق خفقة، ثمّ انتبه يسترجع، وقال: إنّي رأيت في المنام آنفاً فارساً يسايرنا، ويقول: القوم يسيرون والمنايا تسري إليهم، فعلمت أنّه نعى إلينا أنفسنا. ثمّ سار حتى نزل بكربلاء، فاضطرب فيه، ثمّ قال: أي منزل نحن به؟ قالوا: بكربلاء، فقال: يوم كرب وبلاء.
وقفة:
وقفت على رأي كتب عام 1912م مفاده أنَّ مدينة كربلاء في العهود الغابرة قبل الفتح الإسلامي كانت تقع في الشمال الغربي، وبالتحديد منطقة القرطة (الكرطة) التي تقع بجوار الكمالية (الجمالية) وأول من ذهب إلى هذا الرأي هو الصحفي البغدادي إبراهيم حلمي العمر بقوله: ((ذكر لي ثقات: أن كربلاء الحالية التي فيها قبر الحسين بن علي (رضي الله عنهما) هي غير كربلاء القديمة، التي كانت المزارع في ربضها حين ورود الحسين إليها، بل إن كربلاء القديمة واقعة في الجنوب الشرقي من البلدة الحالية ويطلق عليها اليوم اسم (كربله). وتابع أنها: (واقعة في الشمال الغربي من كربلاء الحالية مما يلي أرض القرطة، وهي اليوم مكان مرتفع يسمى باصطلاح الناس (العرقوب)، ويبعد موقعها عن قبر الحر بن يزيد سبعة آلاف متر، وأرضها من أملاك آل بحر العلوم وهي أسرة شريفة من كربلاء).
وهذا الرأي ذهب إليه كلٌّ من العلامة السيد هبة الدين الشهرستاني و السيد عبد الحسين الكليدار. وفضلاً عمّا تقدم زاد الكليدار قائلاً: وفي الجنوب الشرقي من البلدة المشرفة قطعة أرض يطلق عليها اليوم لفظة (كربله)، ويزعم من لا علم له بذلك أنها القرية التي كانت عليها المزارع حين ورود أبي عبد الله عليه السلام إليها. ومنها اشتق الاسم لهذه البلدة.