الروايات التأريخية
كتاب التواريخ في الميزان
ولعدم قناعتي بصحة ما ورد في كتاب ابن الراهب كتبت الى صديقي واخي العزيز المفضال السيد وليد البعاج " الحاصل على شهادة الماجستير من الجامعة اليسوعية في بيروت، وطالب دكتوراه في مقارنة الأديان حالياً كونه من المختصين في التاريخ المسيحي وطلبت منه إنْ كان هناك إمكانية الحصول على المخطوطة الأصلية للكتاب"تاريخ أبي شاكر ابن الراهب" لتأكيد صحة ما ورد في الكتاب فيما يخص عدد الشهداء من أصحاب الإمام الحسين عليه السلام، وبعد البحث والتحري والتقصي، أجابني مشكوراً بالمقالة ادناه:
سؤال:
هناك كتاب من تأليف ابن الراهب يذكر أنّ الإمام الحسين عليه السلام قُتل زمن معاوية بن أبي سفيان وأن الذين قتلوا مع الحسين عليه السلام كانوا تسعة آلاف مقاتل، فهل هذا موجود في كل مخطوطات كتاب ابن الراهب ومتطابقة في نقلها ومدى قيمة هذا الكتاب؟
الحاج عبد الأمير القريشي
مركز كربلاء للدراسات
جواب:
حضرة الباحث النبيل والحاج الجليل عبد الأمير القريشي دام توفيقه
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
هذا ما استطعت أن أسطره في هذا المقال عن سؤالكم مع قلة بضاعتي وقصر همتي وكثرة مشاغلي أتمنى أن يكون وافياً للغرض مفيداً للقارئ نافعاً في تحقيق طلبتك والوصول إلى بغيتك. مع اعتذاري عن الإطالة والإسهاب ولكن لأجل إتمام الفائدة والاطلاع توسعت في الجواب، ولا تنساني من دعواتكم في الرحاب القدسية لسيدي ومولاي أبي عبد الله الحسين وأخيه أبي الفضل العباس عليه السلام.
وليد البعاج
النجف الاشرف
21 محرم الحرام 1444هـ
كتاب التواريخ لأبي شاكر ابن الراهب
بقلم السيد وليد البعاج
يُعد الأستاذ الدكتور عادل سيداروس هو أول من خصص دراسة علمية دقيقة عن أبي شاكر ابن الراهب ومؤلفاته ومنها كتاب التواريخ وذلك في اطروحته لنيل درجة الدكتوراه من جامعة ميونخ بألمانيا عام 1973م، والتي نشرها عام 1975م، ومنذ ذلك الوقت تميز سيداروس بتخصصه في نتاج ابن الراهب وكتاباته وقد صدر له مؤخراً مقالة عن مصادر كتاب التواريخ.
ليأتي صديقنا الدكتور الفاضل صموئيل قزمان معوض ليكمل هذا الامتداد ويعكف على تحقيق كتاب التواريخ لابي شاكر ابن الراهب ودراسة المخطوطات التي وقعت بيده منها نسختان مخطوطتان واحدة في لندن والأخرى في برلين، وعثر على ثلاث نسخ أخرى تحتفظ بها الاديرة المسيحية القبطية في مصر، فقام بمطابقة النسخ مستفيداً في تحقيقه من كتابات سيداروس، ليخلص الى دراسة مميزة وتحقيق علمي فيخرج كتاب التواريخ لابن الراهب الى النور لأول مرة بأكثر من مجلد بحلة قشيبة ودراسة معمقة.
ولا يخفى أن كتاب التواريخ لابي شاكر ابن الراهب الذي عاش في مصر في القرن الثالث عشر الميلادي من أهم المؤلفات التي وضعها الأقباط باللغة العربية.
من هو ابن الراهب؟
هو أبو شاكر بن الراهب أبي الكرم بطرس بن المهذب، ويلقب أبو شاكر السني. وأما تاريخ ولادته ووفاته فلم يتم تحديدها، ولكن محقق الكتاب باستفادته من مقدمة كتاب التواريخ التي يذكر بها أنه يشتمل على الاحداث من آدم وإلى عام 655 للهجرة الموافق لعام 1257 للميلاد، مما يدل على ان ابن الراهب انتهى من تأليف كتاب التواريخ في ذلك العام. بقرينة أنه توقف في كتاب التواريخ بخصوص الحكام عند المنصور نزار الدين (1257- 1259م) ويُنهي قائمة البطاركة في الباب الخمسين عند البابا اثناسيوس الثالث (1250-1261م) ولكنه لا يذكر وفاة أي منهما، ويخمن المحقق بما أن والده أصبح راهباً نحو عام 1220 م، فيمكن القول أن أبا شاكر قد ولد بين عامي 1200 و 1210م، أي قبل أن يصبح والده راهباً.
وعلى ضوء ما مر، يمكن القول أن أبا شاكر الراهب قد ولد فيما بين 1200 و 1210م، وتوفى في عام 1282م، بعده سنوات، وانحصر نشاطه في التأليف بين عامي 1257 و 1271م. وانجز كتاب التواريخ عام 1257 م.
وكانت وظيفته في الحياة العامة أنه كان يعمل في "ديوان الجيوش" لكونه يحمل لقب "نشوء الخلافة" وهو لقب من يعمل في ديوان الجيوش، حسبما ذكره عادل سيداروس في دراسته عن ابن الراهب.
يتميز ابن الراهب بتنوع مؤلفاته، ما بين الموضوعات التاريخية والحسابات الفلكية والدراسات اللغوية والعلوم اللاهوتية والفلسفية، فبجانب كتاب التواريخ وضع ابن الراهب أربعة مؤلفات أخرى فكانت مؤلفاته على النحو الآتي:
1- كتاب التواريخ، وهو أول مؤلفاته وأتمه عام 1257 م.
2- كتاب سُلَّم "معجم" قبطي عربي مُقفى، أتمه عام 1263 م.
3- كتاب الشفا في كشف ما استتر من لاهوت سيدنا المسيح واختفى،انجزه عام 1267.
4- مقالة في حَدَث العالم وقِدَم الصانع، ألفها عام 1270 م.
5- كتاب البرهان في القوانين المكملة والفرائض المهملة "موسوعة فلسفية ولاهوتية" أنجزه عام 1271 م.
الأستاذ عبد الأمير القرشي
باحث إسلامي