8:10:45
قرن كامل من العمارة العراقية في موسوعة فريدة توفّرها مكتبة مركز كربلاء للدراسات والبحوث الاتفاق الكربلائية..اول صحيفة عربية غير رسمية في العراق  درس أخلاقي من الإمام الكاظم (ع) في النقد و إبداء الملاحظات ... محمد جواد الدمستاني أقدم طبيب في كربلاء: الدكتور عبد الرزاق عبد الغني الشريفي من جامعة توبنكن الألمانية.. مدير المركز يبحث عدداً من الملفات العلمية مع مركز العلوم الإسلامية انتفاضة حزيران 1915م في كربلاء البرذويل أثر عراقي يشمخ بعناد في صحراء كربلاء ندوة علمية مكتبة مركز كربلاء تُثري رفوفها بمرجع عالمي يفتح آفاقاً جديدة في أبحاث التسويق إن لم يكن عندكم دين و كنتم لا تخافون المعاد فكونوا أحرارا في دنياكم (ضرورة الرجوع إلى القيّم الحق) ... محمد جواد الدمستاني مساجد كربلاء القديمة...مسجد العطارين متصرفو لواء كربلاء في العهد الملكي..صالح جبر المركز يقيم ورشة بعنوان: ستراتيجيات أمن الحشود في أثناء الزيارات المليونية.. زيارة الأربعين أنموذجاً استمرار الدورة الفقهية في المركز مقابر كربلاء - بعيون كربلائية الجزء الاول 2024 || Karbala Cemeteries - through Karbala eyes 2024 لقاء الدكتور المهندس احمد مكطوف خلال الورشة تخصصية عن الخدمات في زيارة الأربعين الهيابي ..الواقعة التي هَزم فيها الكربلائيون جيوش العثمانيين ومدافعهم مركز كربلاء يعلن إصدار ثلاثة أجزاءٍ جديدة من كتاب (المنبر والدولة) النائب المهندس زهير الفتلاوي خلال الورشة تخصصية عن الخدمات في زيارة الأربعين النائب السيدة نفوذ حسين الموسوي خلال الورشة تخصصية عن الخدمات في زيارة الأربعين
اخبار عامة / أقلام الباحثين
02:04 AM | 2022-02-17 2703
جانب من تشيع الشهيد زكي غنام
تحميل الصورة

الأسرة و الخلافات الزوجية الفوارق بين الزوجين و منشأ الخلافات الزوجية

محمد جواد الدمستاني

بسم الله الرحمن الرحيم

والحمد لله ربّ العالمين وصلّ اللهم على محمد وآله الطاهرين

في اللقاء الأول و الموضوع السابق تحدثنا حول المشاكل و الصعوبات بين الزوجين والأسرة في أوربا و الغرب و الدول غير الإسلامية عامة.

وهنا سنتحدث عن بعض القضايا التي تساعد في تشكّل الخلافات الزوجية  أو على توسعتها، في محاولة لتفاديها أساسا ، أو فهمها للمحافظة على الحياة الزوجية.

و هي قضية الفوارق بين الأزواج، فكلما زادت الفوارق بين الزوجين زادت نسبة الخلافات بينهما، و التي قد تؤدي إلى الانفصال و الطلاق، وهذا أبدا لا يعني أنّ الحياة الزوجية لا تستمر لوجود الفوارق و إنما تعني إنّ الفوارق منشأ و أصل للخلافات، و قنبلة موقوتة في البيت حينما تنفجر تدمر الأسرة بأكملها فلا يبقى لها أثر و لا عين.

والفوارق هي:

  1. الفوارق العمرية
  2. الفوارق الاجتماعية و فوارق الثقافة الشعبية
  3. الفوارق الدينية و المذهبية
  4. الفوارق الاقتصادية
  5. الفوارق الثقافية و العلمية

نأتي مختصرا على ذكرها :

1- أول الفوارق هو فارق العمر بين الزوجين، فكلما اتسع الفارق بين الزوجين في العمر كانت آثاره أوضح في الخلاف بينهما، و الفارق الطبيعي يتناسب مع العمر ويكون الزوج هو الأكبر غالبا في كل المجتمعات، و الفارق بينهما يتناسب مع عمريهما ، فمثلا – مع زيادة أو نقصان يسير – إن كان الزوج في العشرين من العمر فإنّ الزوجة تصغره بسنة أو سنتين أي في سن الثمانية عشر سنة أو التاسعة عشر، و إن كان الزوج في الثلاثين فإن الزوجة تكون بين أربع أو خمس وعشرين سنة أو قريبة من هذا السن، و إن كان الزوج في الأربعين فإن الزوجة تناسب أن تكون في حدود سن اثنين و ثلاثين، و إن كان الزوج في سن الخمسين فإن الزوجة تناسب أن تكون في حدود الأربعين، و إن كان الزوج في الستين فإن الزوجة تناسب أن تكون في الخمسين أو قريبة من الخمسين، و هكذا .. مع فوارق بين المجتمعات البشرية.

سعة الفارق بين الزوجين كأن  يكون الزوج في الخمسة و الثلاثين أو أكثر و الزوجة في العشرين أو العكس يعني أنّ كل منهما من جيل آخر و فكر آخر و طرز أو نمط آخر، و هذا الخلاف في الفكر والتفكير و الجيل و الطراز هو مادة للخلاف إذا اتسعت رقعتها خرمت العلاقة الزوجية بل وهدمتها، و كذلك نظرة الزوج الكبير للزوجة الصغيرة كابنته أو الزوجة الكبيرة للزوج الصغير كأمه تجر عليهما مشكلات ظاهرة واضحة.

و هذا الخلاف السلبي نتيجة للفارق العمري بين الزوجين يفوق ايجابية الفارق في استفادة الطرف الأصغر من الأكبر و اكتسابه خبرات حاضرة، أو في اهتمام الأكبر بمظهره و أناقته لإرضاء الآخر.

والفارق العمري عامة متناسب في الأزواج في أوربا إلا حالات قليلة، و هي في زيجات لرجال أو نساء في أوربا يتزوجون من بلدانهم الأصل بآخرين ينقصونهم في أعمارهم، وهذه الزيجات معرضة للانهيار، و كذلك في زيجات يدفعها ترتيب أوراق رسمية و إقامة، أو في نساء أوربيات في الغالب أو رجال كبار أوربيين يتزوجون بآخرين من بلدان أخرى فقيرة تستهويهم أوربا ، هذه الحالات التي يتسع فيها فارق العمر تختل فيها الروابط الزوجية اختلالا واضحا.

فارق العمر قد يكون سببا في المشاكل الزوجية أو تضخيمها ويصل في حالات ليست قليلة للطلاق و الانفصال، إلا أنّ ذلك الفارق لا يعني بالضرورة هدم الأسرة والطلاق، و من التجارب التي حصلت تم ملاحظة فرق كبير بين تاريخي الميلاد المثبتين على هويتي المرأة و الرجل اللذين يريدان الزواج، حيث تكبر المرأة الرجل  بفارق كبير، وحينما تم إخبار الزوج همسا، قال أنّه منتبه وأراد اتمام العقد، ولعل ذلك لأسباب تتعلق بحصول إقامة، ولكن الزواج استمر لسنوات عديدة مع أنّ بدايته توحي بالمصلحة المؤقتة لا بالاستمرار.

2- ثاني الفوارق هو الفارق الاجتماعي بين الزوجين و فارق الثقافة الشعبية أو المحيط الاجتماعي حيث يكونان من بلدين مختلفين أو متباعدين، لا يستندان على قاعدة ثقافية اجتماعية واحدة، بل قواعد متعددة، وتختلف نظرتهما للأمور ولعل ينظر أحدهما لأمر أو قضية بنظرة طبيعية بينما يراها الآخر من المحرمات أو الكبائر، هذه النظرة المتعددة لأمر واحد قد تكون منشأ للخلاف و اتساعه وقد تصل إلى الطلاق و الانفصال.

وهذه قضية تتكرر حيث يتم التزاوج بين الناس في الغرب مع تجاوز النظرة العرفية الموجودة في البلد الأصل، و يتزوج مسلمون من الغربيين، وكل منهم له ثقافة مختلفة و نظرة متباينة وفلسفة مغايرة، و قد تكون متعاكسة أو متناقضة، وهذا ما يسبب للاختلاف بينهما و يكون مبدأ للمشاكل.

ومن تلك الأمثلة النظرة إلى الاختلاط عامة أو مع الأقارب، فيراه بعض الزوجين خطير  ينبغي اجتنابه في كل المستويات، بينما يراه الآخر أمرا عاديا كما هو في مجتمعه الأصل و بيئته، وهذه مسألة متكررة بين الزوجين بشكل روتيني.

ومن الأمثلة نوعية الألبسة التي تستخدمها الزوجة و مقدار الستر التي تحافظ عليه أو التي اعتادت عليه في مجتمعها وهو طبيعي بالنسبة لها و لكنه ليس كذلك للزوج، فيكون مصدر خلاف بين الزوجين.

و من أمثلة النظرة المختلفة للأمور النظرة إلى التدخين و استعمال السكاير، يراها أحدهما أمرا عاديا جدا للرجال و النساء كما هو في مجتمعه الأصل، بينما يراها الآخر حراما عرفا و خاصة للنساء، فتكون منشأ للاختلاف و المشاكل بين الزوجين.

وهذه مسألة عامة في المجتمع أيضا ، حدث مرة أن قام أحد المشائخ بالتدخين في مدخل المسجد حيث لا يرى ذلك عيبا أو ذنبا أو مسببا لمشكل كما هي بيئته و مجتمعه، ولكنّ المفاجأة كانت في ردة الفعل القوية التي جوبه بها والضجة عند بعض رواد المسجد، فقد اعتبروا ذلك أي التدخين في مدخل المسجد كبيرة من الكبائر تستوجب الردع، و ها نحن نذكرها هنا بعد مرور أكثر من عشر سنوات على حدوثها.

3- و من الفوارق الموجبة للخلاف الفوارق الدينية و المذهبية، فإنّ كل من الزوجين له أسس و قيّم دينية قد تربى عليها و نشأ في ظلها، و يقيس شؤون الحياة على ضوئها، و يتشدد في تطبيقها، و يحرّم على نفسه تجاوزها إن كان متدينا بها، فعند الزواج و عدم تنازل أحدهما للآخر في بنيته الدينية فإنّهما يواجهان الاختلاف الذي يكون محركا للشقاق بينهما و قد يصل في حالات إلى الانفصال.

و هذا في الزيجات بين المسلمين و غير المسلمين من الغربيين أو من الشرقيين غير المسلمين، وكذلك بين المسلمين أنفسهم من مذاهب متعددة.

وفي حالة الزيجات بين المسلمين وغيرهم فإنّ المعمول به هو أن يقوم أحد الزوجين بإشهار إسلامه ولكنه إشهار في الغالب لاتمام العقد الذي يشترط فيه الاسلام وليس للقناعة والاعتقاد، ولذلك لا تكون ممارسة للأحكام الشرعية للطرف الذي يشهر إسلامه، و هو في الغالب من النساء.

لكن قد يكون الأمر معاكس تماما فالمسلم من الزوجين مهملا في تطبيق أحكام إسلامه والآخر الذي أسلم حديثا ملتزما فيها، فمن القصص العجيبة التي حصلت أن اتصلت امرأة و زوجها مسلم وبلده الأصل متشدد في اسلامه و أعرافه، بينما هي أسلمت حديثا بعد الزواج كما يبدو من كلامها، و كان سؤالها ماذا أعمل؟ فقد قال لها زوجها لا ينبغي لها أن تضع الحجاب، و قال أنّه تزوجها ولم تكن متحجبة فلا تتحجب الآن، وقال أنّ حجابها يحرجه بين اصدقائه، فماذا عليها أن تعمل الطاعة أم الحجاب ؟ فهنا مصدر الخلاف بينهما متعاكس فغير المسلمة التي أسلمت تصر على تطبيق اسلامها و المسلم يمنعها..!!

4- ومنها الفوارق الاقتصادية و الاجتماعية، الاقتصادية بمعنى فوارق الغنى والفقر بينهما، فإنّ الوضع الاقتصادي للإنسان له قابلية الانعكاس على الشخصية إن غنًى أو فقرا ، وكلما كان الفارق كبيرا بينهما ماديا و اقتصاديا كان له قابلية أكبر في الاختلاف في التفكير والتعامل مع الغير و في مقدار صرف الأموال أو الإمساك و الكرم وله تأثير على الصفات النفسية من التواضع و التكبر و غيرهما، و هو عامل كبقية العوامل التي يتم تجاوزها ابتداء حين الرغبة في الزواج ولكنها تظهر في حالات الخلاف، و قد تسبّب في أن ينتقص الغنيّ منهما الآخر الأقل غنًى أو الفقير، وقد يعيّره بوضعه المادي.

و أما الاجتماعي فهو في المكانة الاجتماعية للأفراد، فالناس عامة تنظر إلى أصحاب الوجاهة و المال و المنصب و الوظيفة المرموقة بنوع من التوقير و الاحترام – وإن لم يكونوا مستحقين للاحترام – لا يحظى بها آخرون غيرهم و إن كانوا حقيقة أفضل من الأولين أو أكثر نفعا، فالناس تقدر الطبيب و الوزير أكثر من عامل النظافة في الشارع، وإن كانا ليس لهما علاقة بصاحب النظرة مباشرة بينما عامل البلدية يقوم بخدمته فهو ينظف أمام بيته يوميا أو يجمع قمامته، و الزوجان من الناس و نظرتهما نظرتهم، فهذا الفارق باعث آخر للاختلاف بين الزوجين أو لحدة الاختلاف، وهذا العامل لا يخص الزوجين بل يتجاوزهما إلى المحيط الاجتماعي و الأسري الأكبر، و يتعلق بأهل الزوجين مباشرة.

لكن ليس ذلك بالضرورة مبررا للاختلاف و الانشقاق، و حدث أن رغب و دعا أحد الأخوة المهاجرين للعقد على امرأة أوربية، ولم تكن مسلمة سابقا، وكان مجلس العقد مختصرا ليس فيه من أهل الزوجة أحدا، وليس من أهله سوى أخوه، و كان الجو مهيأ للعقد، و المرأة محجبة بحجاب تام، و تتعلم اللغة العربية وتنطق ببعض كلماتها، و تبيّن لاحقا أنّ الزوج المهاجر عامل نظافة في الشارع، و الزوجة الأوربية طالبة جامعة، و من عائلة ثرية، وتم العقد رغم الفارق الاقتصادي و الاجتماعي، وقد تدخلت عائلة البنت أو الزوجة وسعت لعدم حصول الزواج وضغطت على البنت فترة الخطوبة بطريقة فريدة في أوربا، إلا أنّها كانت تبرهما و لا تؤذيهما، وكانت معارضة الوالدين للزواج من هذا المسلم بسبب معتقده و لم تكن تعارض أن يأتي إليها في بيت الوالدين و يلتقي بها دون زواج، و قد أخبر أخ الزوج لاحقا بحسن تدبيرها و برها لوالديها حين الضغط عليها، حتى قبلا خيارها، ولديهما الآن ذرية.

5- كما أنّ الفارق الثقافي و الأكاديمي بين الزوجين يجعلهما ينظران بنظرات مختلفة للقضايا و بفلسفة متعددة و له قابلية لإيجاد خلاف بين الزوجين، لكن في نفس الوقت المستوى الثقافي و العلمي يجعلهما أكثر وعيا وفهما.

 

و لعل الرواية العامية الموجودة في كنز العمال « زوجوا الأكفاء، وتزوجوا الأكفاء»[1] إن صحت تشير إلى الكفاءة العامة بين الزوجين، إلا أنّ الروايات جعلت المقياس هو الأخلاق و الدين فقد روى الشيخ الكليني في الكافي أنّ علي بن أسباط كتب إلى أبي جعفر (عليه السلام) في أمر بناته وأنه لا يجد أحدا مثله فكتب إليه أبو جعفر (عليه السلام) فهمت ما ذكرت من أمر بناتك وأنك لا تجد أحدا مثلك فلا تنظر في ذلك رحمك الله فإن رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال: إذا جاءكم من ترضون خلقه ودينه فزوجوه (إلا تفعلوه تكن فتنة في الأرض وفساد كبير)[2].

و روى أيضا عن أبي عبد الله عليه السلام، قَالَ : « إنّ رسول الله صلى الله عليه وآله  زوَّج المقداد بن الأسود ضباعة ابنة الزبير بن عبد المطلب، وإنّما زوَّجه لتتضع المناكح، وليتأسَّوا برسول الله صلى الله عليه وآله، وليعلموا أنّ أكرمهم عند الله أتقاهم»[3] .

هذا المقياس بالأخلاق و الدين والتفاهم بين الزوجين على أساسهما وجعلهما الأصل في العلاقة الزوجية يقلص أو يلغي الفروقات الأخرى العمرية أو الاجتماعية والثقافية وغيرها، لأنهما يرجعان إلى الأخلاق و الدين و أخلاقياته في اختلافاتهما.

نسأل الله سبحانه وتعالى أن يوفق بين الأزواج و يمنّ عليهم بالمودة والرحمة، أنه سميع الدعاء، و الحمد لله ربّ العالمين، وصل اللهم على محمد وآله الطيبين الطاهرين.

 

 

الأربعاء  17 ذي الحجة  1442هــ

الموافق لــ 28 – 7 – 2021م

[1] – كنز العمال، ج ١٦، المتقي الهندي، ص ٣١٧

[2] – الكافي – الشيخ الكليني – ج ٥ – الصفحة ٣٤٧

[3] – الكافي، ج ٥، الشيخ الكليني، ص ٣٤٤

 

 

 

 ليس بالضرورة ان يمثل المقال رأي الموقع ، انما يمثل رأي كاتبه .

 
Facebook Facebook Twitter Whatsapp