قلم / الباحث الاستاذ عبد الامير القريشي
حبيب بن مظاهر بن ریاب بن الاشتر بن حجوان بن فقعس بن طریف بن عمرو بن قعين بن الحارث بن ثعلبة بن دودان بن اسد، وكانت مساكنهم بالثعلبية نسبة إلى ثعلبة بن دودان وتقع على طريق الحاج العراقي .
ذكره العسقلاني والبرقي في عداد صحابة امير المؤمنين والحسن والحسين عليهم السلام . صحب علي امير المؤمنين في حروبه كلها. ذكره الكثير من ارباب السير والتواريخ بانه من خواص امير المؤمنين ومن شرطة خميسه وكان يختم القرآن في ليلة واحدة وكان يقال له سيد القراء ، وهو قرين ميثم التمار ورشيد الهجري .
ذكره الكشي بأنه من حمل علم المنايا والبلايا ، وهو احد الزعماء الكوفيين الذين كتبوا إلى الحسين عليه السلام. عمره خمس وسبعون سنة ، جعله الحسين على ميسرة أصحابه عند التعبئة للقتال يوم – عاشوراء.
برز الى القتال وهو يرتجز :
انا حبيب وابي مظهر
لنحن ازکی منکم واطهر
ننصر خير الناس حين يذكروا
فقاتل قتالا شديدا حتى قتل. هد مصرعة الامام الحسين عليه السلام حتى قال احتسب نفسي وحماة اصحابي.
قال المفيد "قدس سره" في الإرشاد: إن سبعة عشر نفسا من بني هاشم . رضوان الله عليهم أجمعين إخوة الحسين و بنو أخيه وبنو عمّيه جعفر وعقيل، إستشهدوا يوم کربلاء؛ كلهم مدفونون مما يلي رجلي الحسين في مشهده، حفر لهم حفيرة، وألقوا فيها جميعا، وسوي عليهم التراب، إلا العباس بن علی رضوان الله عليه، فإنه دفن في موضع مقتله على المسناة بطريق الغاضرية، وقبره ظاهر، وليس لقبور إخوته وأهليه الذين سميناهم أثر، وإنما يزورهم الزائر من عند قبر الحسين، ويومئ إلى الأرض التي نحو رجليه بالسلام، و على بن الحسين في جملتهم، ويقال: إنه أقربهم دفنا إلى الحسين.
فأما أصحاب الحسين رحمة الله عليهم الذين قتلوا معه، فإنهم دفنوا حوله، ولسنا نُحَصّلُ لهم أجداثا على التحقيق والتفصيل، إلا أنا لا نشك أن الحائر محيط بهم رضي الله عنهم وأرضاهم وأسكنهم جنات النعيم. وهذا ما عليه الغالبية العظمى من محققي ومؤرخي الأمامية .
وأما من ذهب بالقول: أن حبیب بن مظاهر دفن في قبر منفرد، فقد قال الدربندي: أن السجاد عليه السلام ، بعدما انتهى من دفن الإمام الحسين عليه السلام، جعل يقول: هذا فلان وهذا فلان، والأسديون يوارونهم. فلما فرغ منهم؛ مشى إلى جثة العباس عليه السلام، فدفنه هناك. ثم عطف على جثث الأنصار، وحفر لهم حفيرة واحدة، وواراهم فيها، إلا حبیب بن مظاهر، حیث أبی بعض بني عمه ذلك، ودفنه في ناحية عن الشهداء. وتابعه على ذلك القائني في الكبريت الأحمر .
الظاهر من اقوال الدربندي المتقدمة أن قبر حبیب بن مظاهر كان قائما مشهورا بدلالة أن السيد مهدي القزويني المتوفي عام 1300هـ كان معاصر للدربندي المتوفي عام 1285 هـ قال : يستحب زيارة شهداء الحسين الذين في الحائر معه، وما خرج کالعباس وحبيب و الحر. . وفي موضع آخر قال: وقبر حبیب بن مظاهر عند جهة رأس الحسين.
وقال السيد محسن الأمين في أعيان الشيعة: (ويقال أن بني أسد دفنوا حبيب بن مظاهر في قبر وحده عند رأس الحسين عليه السلام ، حيث قبره الآن، إعتناءً به لأنه أسدي. وأن بني تميم حملوا الحر بن يزيد الرياحي على نحو میل من الحسين "عليه السلام" ودفنوه هناك، حيث قبره الآن إعتناء به أيضا، ولم يذكر ذلك المفيد، ولكن اشتهار ذلك وعمل الناس عليه ليس بدون مستند).
وقد رد الشيخ شمس الدين على هذا الرأي بالقول: أنه يوجد قبران؛ أحدهما قبر منسوب إلى حبيب بن مظاهر الأسدي، وهو موجود في داخل الحائر من جهة رأس الحسين عليه السلام، والآخر قبر الحر بن يزيد الرياحي على مسافة عدة كيلو مترات من مشهد الحسين عليه السلام ، حيث قبره وقبور الشهداء. وهذا يخالف كلا النصين الأنفين عن الشيخ المفيد، فإنهما صريحان في أن جميع الشهداء دفنوا في قبر جماعي واحد، مع الهاشميين، أو في قبور جماعية متعددة. ولم نر من المؤرخين المعتمدين من ذكر شيئا يعتدّ به في هذا الشأن.
وللعلامة الشيخ المظفر رأي يؤيد فيه وبشدة؛ صحة الموقع الحالي لقبر حبيب بن مظاهر، إذ قال: تذاكرنا المستشهدين مع الحسين عليه السلام، وضرائحهم، وكيفية دفنهم، وإنجر الحديث إلى المرقد المبارك المنسوب لحبيب قبل وجه الحسين عليه السلام مما يلي الرأس الشريف، فقال العلامة السماوي رحمه الله: إنه لا صحة له، وإنه مفتعل، وإدعی السماع من جماعة ، ومعنا شخص زعم أن أحد الفقهاء الكبار من مراجع الشيعة - ذكر إسمه - يدعي أن هذا المرقد إفتعله الخدام الذين يحتالون على إنتشال أموال الزائرين بضروب الحيل، ويقتنصون دراهمهم بكل ما وجدوا إليه سبيلا؛ جريا على المعروف من أعمالهم وأفعالهم المشهورة، فصنعوا هذا المرقد أخيرا؛ يستغوون به العوام، وينشلون أموالهم، ولم تسمح لي الظروف وتسنح لي الفرص، فأسأل ذلك
العلامة الشهير عن هذه المقالة أهي صحيحة أم مكذوبة عليه؟ وأنا أعتقد بصحة المرقد، ولا أرى وجها لهذه الدعوة ولا أثرا لهذا الإفتعال خصوصا والقصة التي يذكرونها كانت في عصر علماء كان لهم النفوذ والسيطرة، وهم ينكرون إحداث كل محدث، ولو كان ذلك كما قيل لأنكروه، وقاوموا من إبتدعه أشد المقاومة على أن المذكور في دفن الشهداء صريح بصحة هذا المرقد.
وقال الكيلدار : دلت تحقيقاتنا أن حبيباً وجميع الشهداء يرقدون في الحائر الحسيني، كما وقد دلت تحقیقاتنا: إن بعض الحفارين المختصين بدفن الموتى داخل الأروقة في الروضة كانوا قد دفنوا موتاهم تحت ضریح حبيب الحالي، وكذلك قسم منهم في الوقت الحاضر يدفنون مواتهم أيضا، وهناك شائعات تقول في التجويف
الذي تحت الضریح سردابان، وهذا قول لا أساس له من الصحة، حيث وصلت التعميرات الحالية في الروضة الحسينية عام (1367 - 1367 )هـ إلى قعر الأسس لجدران الأروقة سيما الجدران القريبة من هذا الضريح، فلم نعثر على غير سرداب واحد، يبدو أن المقصود بالسرداب الثاني هو الحفرة التي يرقد فيها الشهداء عند قدمي علي الأكبر بن الحسين عليهم السلام، لأن أرضيتها السفلى مرصوفة بالرخام على غير ما هو مألوف في أرضية في سراديب الحرم الشريف الباقية مما يدلل : أن تحتها سردابا ثانيا، وهذا السرداب هو الذي تحدث عنه شيخ الطائفة الإمامية المفيد، والسيد ابن طاووس، وغيرهما من المؤرخين القدماء.
وعلى هذا فالمرجح: إن ضريح حبيب بن مظاهر قد أنشأه المحبون المتأخرون من رجال الشيعة أعلاه لمنزلة حبيب ، السامية، وذلك ليكون رمزاً تذكارياً خالداً له .
وخلاصة القول؛ أقول: مما لا ريب ولا شك أن حبيب بن مظاهر الأسدي دفن في هذه البقعة دون خلاف، والحال لا منافاة ولا إخلال، إن كان القبر منفردأ، أو غير منفرد، لصحة وجوده في نفس المكان، وإشتهار ذلك، وعمل الناس عليه ليس بدون مستند. والله تعالى أعلم. وهذا لا يتنافى مع كون حبيب بن مظاهر والحر بن يزيد قد دفنا في مدفن منفرد.
المصادر والمراجع
1- الإرشاد في معرفة حجج الله على العباد، المفيد ، ابي عبد الله محمد بن النعمان
العكبري (ت 413 هـ) تحقیق مؤسسة آل البيت، ج 2 ص 126.
۲- اکسير العبادات في اسرار الشهادات، الدربندي، آغا بن عابد الشيرواني الحائري ( 1285 هـ) تحقیق محمد جمعة بادي ، ج 3ص 171
٣- الكبريت الأحمر في شر ائط المنبر ، البيرجندي ، محمد باقر القاني (ت 1352هـ) تحقيق محمد شعاع فاخر ، ج 2ص513
٤- اعیان الشيعة ، محسن الأمين العاملي ، ط الأعلمي ج 2، ص 439
ه- انصار الحسين ، محمد مهدي شمس الدين ، ص 143
6- البطل الاسدي حبیب ابن مظاهر ، عبد الواحد المظفر، ص 73
۷- المزار، مهدي القزويني ،(ت1300 هـ) تحقیق جودت القزويني ، ط2 2014م، ص 125-129
۸- الكليدار محمد حسن آل طعمه ، مدينة الحسين ، ج 2، ص89 ظبط ومراجعة مرکز کربلاء للدراسات والبحوث
۹- البالغون الفتح في كربلاء ، عبد الأمير عزيز القرشي ، ج 3 ، ص 62-75
۱۰ - المراقد والمقامات في كربلاء ، عبد الأمير القرشي، ص 23 -25
لتحميل الملف كاملاً اضغط هنا