بقلم الحاج مُحَمَّدٍ الْكُوفِيُّ الحداد العبودي
هو السيد أبو إسماعيل إبراهيم بن الحسن المثنى الملقب بـ "الغُمر" لإغماره الناس بالجود والكرم.
شهادته: وهو أول من مات في حبس الهاشمية سنة 145 هـ وعمره 69 وقيل 67، وذكر "ابن حبان" في "المشاهير" أن وفاته بالمدينة، والصحيح أن وفاته في حبس الهاشمية.
مرقده الشريف: هنالك مشهور يزار ويتبرك به في مدينة الكوفة العلوية المقدسة.
ذكر ابن عنبة في كتابه "عمدة الطالب" وهو من علماء القرن التاسع الهجري، أن "قبر السيد إبراهيم الغمر قريب من كري سعد بن أبي وقاص، وهو صاحب الصندوق الذي يزار في الكوفة، ونستدل من هذه العبارة إن قبر السيد إبراهيم الغمر موجود ظاهر منذ تلك الفترة".
وقال المؤرخ "محمد حرز الدين" في كتابه "مراقد المعارف"، إن مرقده في الكوفة على الأصح عليه قبة صغيرة بيضاء شمالي مرقد ميثم ألتمار، على يسار الذاهب من النجف الأشرف إلى الكوفة شرقي الخندق المعروف (كري سعده أو چری سعده (خندق سأبور)، وهو يكون الحد الفاصل بين الكوفة والنجف وينسب إلى سأبور ذي الأكتاف الذي حفره، يبعد رمية سهم أو يزيد، ومزار يؤمّه آلاف الزوار من داخل العراق وخارجه فهو اليوم مرقد شامخ في منطقة كندة بقضاء الكوفة.
إتسم منهج المؤلف بما يأتي: محمد حسين حرز الدين، بجزئين:
تناول سيرة صاحب المرقـد وذكر ما اشتهـر به وما أتّصف من صفات معتمــداً على أوثق المصادر، مع تــوثيق المراقد بالصــور.
وصف معالم العمارة لكل مرقـد أو مزار أو مشهـد مع الإشارة إلى زمن إكتشافه وظهوره، ومراحل عمارته، كقوله حين كلامه عن السيد إبراهيم الغمر، "قد ظهر قبره متأخراً عند نهاية القرن الثاني عشر الهجري، عثر عليه بعض المنقبين عن حجارة آثار الكوفة الدفينة لبيعها، حيث وجـد صخرة دفينة تحكي بوضوح إنه قبر إبراهيم الغمر، وبنى عليه قبة السيد الجليل علامة عصره وفريد دهره السيد محمد مهدي بحـر العلوم الطباطبائي النجفي".
فذا محمد ذو النفس الزكية وأخوه إبراهيم ومن نحن في ذكر سيرته "السيد إبراهيم الغمر" الذي جسد البطولة بالوقوف بوجه كل ظالم حتى نال الشهادة بعد الصبر على شدة المحن.
1) هو من أسرة علوية هاشمية قريشية خالصة ، هو الإمام السيد إبراهيم بن الحسن المثنى بن سيدنا الإمام الحسن السبط ابن الإمام علي بن أبي طالب{؏}، ابن السيدة فاطمة الزهراء البتول بنت سيد الخلق النبي رسول الله محمد {صَلَّى ٱللّٰهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ}، الحسني العلوي الهاشمي القرشي، يكنّى بأبي إسماعيل وأبي الحسن ويلقّب بـ{الغمر} لكثرة جوده، وكان يلقب بـ{الشبيبة} لأنه أشبه آل الحسن بجده رسول الله{ صَلَّى ٱللّٰهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ}، ألطالبي ,يكنى أبا إسماعيل ,وأبو إسحاق , من أتباع التابعين, مدني.
2) نسبه وعائلته: هو إبراهيم الشبه الغمر بن سيدنا الإمام الحسن المثنى سيدنا الإمام الحسن السبط بن سيدنا الإمام علي بن أبي طالب بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصي بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن قريش بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان {عَلَيـْهِ السَّلامُ}.
3) وهو جد السادات الطباطبائيين، دفن بقرب مسجد السهلة بجنب المحجة الحديدية، لقب بالغمر لجوده، قال في عمدة الطالب: وكان سيدا شريفا روى الحديث، وهو صاحب الصندوق بالكوفة، يزار قبره، وقبض عليه أبو جعفر المنصور مع أخيه، وتوفى في حبسه سنة 145 وله تسع وستون سنة.
4) أم السيد إبراهيم الغمر هي فاطمة بنت الإمام الحسين سيد الشهداء {عَلَيـْهِ السَّلامُ} العالمة المجاهدة التي وقفت بكل عزم وإيمان ويقين صادق خاطبة بأهل الكوفة كاشفة فضائح الأمويين لما جاءوا بها مع سبايا أهل البيت بعد واقعة ألطف، فألهبت المشاعر واقرحت القلوب وجعلت الناس تضج بالبكاء.
5) أخوته وأولاده: للسيد إبراهيم الغمر عدد من الإخوة وهم: عبد الله المحض والحسن المثلث وأم كلثوم وزينب – وهم أشقاؤه-أما إخوته من أبيه فهم: داود وجعفر وفاطمة – وأمهم أم ولد رومية تدعى حبيبة صاحبة الدعاء المعروف بدعاء أم داود-ومحمد ورقية وفاطمة – وأمهم رملة بنت سعيد بن زيد بن نفيل ألعدوي.
6) أما أولاد السيد إبراهيم الغمر فهم أحد عشر من الذكور والإناث، فالذكور هم: إسماعيل ويعقوب ومحمد الأكبر ومحمد الأصغر وإسحاق وعلي، والإناث هن: رقية وخديجة وفاطمة وحسنة وأم إسحاق.
7) ولادته: لم تصرح المصادر التاريخية بسنة ولادة السيد الغمر، ولكن من خلال مراجعتنا لسيرته {رضوان الله عَلَيْهِ}: وجدنا أن شهادته كانت سنة 145هـ وله من العمر 67 سنة، وحينئذ يتضح لنا أن ولادته كانت سنة 78هـ، ومن خلال هذه المدة التي عاشها يتبين لنا أنه كان معاصرا للإمام الباقر والإمام الصادق {عَلَيـْهِما السَّلامُ}.
يقول الشيخ المظفر: "يعود هذا المرقد الشامخ إلى السيد الجليل أبي إسماعيل إبراهيم بن الحسن المثنى، ابن الإمام الحسن المجتبى ابن الإمام علي بن أبي طالب {ع}، وأمه السيدة جليلة القدر فاطمة بنت الإمام الحسين، المولود سنة 76 أو 78 هجرية على اختلاف الرواية، وتوفي سنة 145هجرية وبذلك يكون عمره 67 أو 69 سنة على اختلاف الروايتين، ولد في المدينة المنورة وترعرع في كنفي جدّه الإمام الحسن وجدّه الإمام الحسين ونهل من هذا البيت الطاهر علوم أهل البيت {عَلَيـْهِم السَّلامُ}".
ويضيف الشيخ المظفر: "كان السيد الغمر كبير آل الحسن وله مكانة خاصة حتى عند حكام زمانه وكان محدثاً، إلا أنه قليل الرواية شأنه شأن الكثير من أهل البيت بسبب الظروف التي فرضت عليهم وضعاً معيناً يمنع تواصل الناس معهم، ولذلك قلّت روايتهم، ليس لقلة الدراية والفقه وإنما بسبب الوضع السياسي القائم آنذاك".
8) صفاته: اجتمعت في السيد إبراهيم الغمر المآثر الحسنية والحسينية، فهو كريم الحسب والنسب شديد الكرم حتى لقب بالغمر لجوده، وكان سيداً شريفاً ورعاً راوياً للحديث.
9) يكنّى بأبي إسماعيل وأبي الحسن ويلقّب بـ{الغمر} لإغماده الناس بالجود والكرم والسخاء الأعم والبذل لكل قاصد» وقيل: القمر لجماله، أو لكثرة جوده، وكان يلقب بـ{الشبيبة} لأنه أشبه آل الحسن بجده رسول الله {صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ}.
10) علمه وراويته للحديث: كان سيداً جليل القدر، رفيع المنزلة، قليل الحديث، حاله حال أكثر أهل البيت {عَلَيـْهِم السَّلامُ}.
كانت قلة رواية أهل البيت {عَلَيـْهِم السَّلامُ} لا لقلة العلم والدراية، معاذ الله، أنما حصل ذلك لتخفيهم وتستّرهم، بل زاد الحال عليهم حتى منعوا من التحديث وإلى الله المشتكى؛ فقد أخرج الخطيب في تاريخ بسنده، أن موسى بن عبد الله بن الحسن بن الحسن، قال: قد منعت من التحديث، ولولا ذلك لحدثتك.
11) قال البخاري في الكبير: إبراهيم بن حسن بن حسن بن علي بن أبي طالب أخو عبد الله بن الحسن الهاشمي عن أبيه عن جده عن علي عن النبي {صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وسلم}، قال: {يكون قوم نبزهم الرافضة يرفضون الدين}}، روى عنه كثير النواء، قاله لي محمد بن الصباح عن يحيى المتوكل".
قال ابن أبي حاتم في الجرح: إبراهيم بن حسن بن حسن، روى عن أبيه، روى عنه الفضيل بن مرزوق، وأبو عقيل يحيى بن المتوكل، وقال إبراهيم أخو عبد الله بن الحسن الهاشمي، سمعت أبي وأبا زرعة يقولان ذلك.
وقال العراقي في الذيل: إبراهيم بن حسن بن حسن، روى عن أبيه، وفاطمة بنت الحسين، روى عنه الفضيل بن مرزوق {في المطبوع روى عن الفضل بن مرزوق}، وأبو عقيل يحيى بن المتوكل، وقال إبراهيم أخو عبد الله بن الحسن الهاشمي أورده الذهبي في الضعفاء، فقال: روى عنه الفضيل بن مرزوق {رد الشمس لعلي}.
وقد ذكره ابن حبان في الثقات. وقال ابن حجر في التعجيل: روى عنه: كثير النواء، ويحيى بن المتوكل، وفضيل بن مرزوق، ذكره ابن حبان في الثقات.
12) محنته: قبض عليه المنصور العباسي، وحبسه مع إخوته: عبد الله المحض، والحسن المثلث، وجعفر، وكانوا قد تواروا في سويقة المدينة، ومن أبنائه: محمد وإسماعيل وإسحاق، ومن بني إخوته: سليمان وعبد الله ابني داود بن الحسن المثنى، والعباس وعلي العابد ابني الحسن المثلث وموسى الجون بن عبد الله المحض، والحسن بن جعفر بن الحسن المثنى، وكانوا ثلاثة عشر رجلاً.
13) مساحة المرقد: تبلغ مساحة المزار نحو (5000م) غير محيط المزار الذي هو تقريباً بحدود (3000م) أو (4000م) وتضم هذه التوسعة المرحلة الأولى التي قامت بها هيئة الإعمار، وهي الجناح الإداري الذي يضم مكتب الأمين الخاص والقسم الهندسي والقسم الثقافي وقسم الحسابات والمكتبة والمتحف، المكتبة تقريباً بحدود 100م والمتحف بحدود 70م ومركز علوم القرآن تقريباً بحدود 130م وقاعة المناسبات بحدود 220م، وهذه كلها من ضمن التوسعة الجديدة.
تمت المرحلة الأولى من المشروع على نفقة هيئة الإعمار التابعة لمجلس المحافظة وكذلك عندنا المضيف بمساحة 120م تقريباً والمطبخ التابع للمضيف بمساحة 100م والصحيات بقسمين: القسم الرجالي والقسم النسائي كل واحد منهما بمساحة 120م والمضيف الخارجي المستحدث وهو خارج المزار الذي خصص لاستقبال الزائرين بحدود 220م تقريباً، كذلك الصحيات المجاورة له بحدود 70م، و في الأيام المقبلة ستنطلق بداية المرحلة الثانية من إعمار المزار التي ستشمل الضريح وإعادة بناء القبة والمنارات وقاعة للصلاة، البناء القديم بمساحة 200م وبجواره قاعة الصلاة بمساحة 200م، وبصدد إنشاء صحن الحسن المثنى بمساحة 1000م هذا ضمن المشاريع المستقبلية التي يُعدّ لها.
يفتح المزار أبوابه طيلة شهر صفر من أوله إلى الخامس او السابع من ربيع الأول لاستقبال الزائرين الكرام الوافدين لزيارة أبي عبد{؏}،الله الحسين، وفي زيارة الأربعين يستقبل المزار يومياً بحدود ألفي زائر ويقدم لهم وجبات الإفطار والغداء والعشاء، هذا في شهر صفر، وكذلك في شهر رمضان تقام مأدبة إفطار طيلة الشهر الفضيل بواقع 200 الى 250 وجبة إفطار ليلاً في مناسبات وفيات الأئمة مثل استشهاد الزهراء {؏}، والزيارة الشعبانية وغيرها.
إن زيارة سيد إبراهيم الغمر متواصلة على مدار السنة ولم يخصص لها يوم خاص، وفي المزار تقام ذكرى شهادة سيد إبراهيم الغمر سنوياً، إذ أن المذكور في التاريخ أن شهادته هي في شهر ربيع الأول، لكن التاريخ لم يحدد اليوم الذي استشهد فيه مما دفع بالعادة الى آخر جمعة من شهر ربيع الأول لإقامة مجلس عزاء كبيراً وإستقبال الزائرين الكرام بمناسبة هذه الذكرى الأليمة.
المراجع
- زيارتگاههاى عراق {معرفى زيارتگاه هاى مشهور در كشور عراق} المؤلف : فقیه بحرالعلوم، محمد مهدی الجزء : 1 صفحة : 140.
- مزارات العراق {مقدمة المزارات الشهيرة في العراق} المؤلف: فقيه بحر العلوم، محمد مهدي الجزء: 1 الصفحة: 140.
- عروسا كربلاء الحسن المثنى وفاطمة بنت الحسين – تأليف الدكتور أمل بن إدريس بن الحسن العلمي.
- المقاتل ١٦١: ابن سبع وستين.
- أخبار إبراهيم ابن عبد الله المحض بن الحسن للشيخ عبد العزيز بن يحيى الجلودي المتوفى سنة 332.
- بحار الأنوار 47 / 302.
- أبو نصر البخاري: سر السلسة العلوية، ص15.
- العبيدلي: تهذيب الأنساب: ص63.
- العمري: المجدي، ص 68.
- أحمد بن حنبل: المسند، 2/186.
- البخاري: التاريخ الكبير، 1/281.
- إبن أبي عاصم: السنة، ص 464.
- إبن أبي حاتم:2/42.
- إبن سعد: الطبقات، 5/390.
- إبن جرير الطبري: تاريخ الأمم والملوك، 7/547.
- الدار قطني: فضائل الصحابة، ص58.
- الخطيب البغدادي: تاريخ مدينة السلام، 6/559، 15/13.
- إبن حبان: تقريب الثقات: قربه خليل شيحا، ص136، المشاهير، ص205.
- إبن حمزة الحسيني: الإكمال، تر7.
- ابن حجر: تعجيل المنفعة، 1/256.
- فخر الرازي: الشجرة المباركة، ص23.
- الاصفهاني: المقاتل، ص 173.
- الأغاني، 12/289.
- البيهقي: الدلائل، 6/547.
- إبن كثير: البداية والنهاية: 6/124.
- زين الدين العراقي: ذيل الميزان، تر18.
- أبي زرعة العراقي: ذيل الكاشف، حاشية الكاشف، 1/37 تر127 م.
- ابن حجر: فتح الباري، 5/332.
- المسعودي: مروج الذهب، 3/99.
- الهيثمي: مجمع الزوائد، 8/297.
- السخاوي: التحفة اللطيفة، 1/68.
- الجزري: مناقب الأسد الغالب، ص66.
- إبن الطقطقي: ص 111.
- إبن عنبة: العمدة، ص161.
- ابن شدقم: تحفة لب اللباب، ص46.
- إيهاب الكتبي: المنتقى، ص367.