8:10:45
ردّ العنف بالعنف و القوة بالقوة الرحّالية، واستحقاق العودة إلى كربلاء استمرار الدورة الفقهية في مركز كربلاء للدراسات والبحوث وثيقة عثمانية توثق تعيين مدير جديد لناحية الرحالية في لواء كربلاء عام 1887م في عام 2024، حقق مركز كربلاء للدراسات والبحوث في للعتبة الحسينية المقدسة العديد من الإنجازات والنشاطات البارزة، منها: تعزية ندوة إلكترونية وفد مركز كربلاء للدراسات والبحوث يبحث تعزيز التعاون مع مديرية الدفاع المدني في كربلاء مركز كربلاء للدراسات والبحوث ينظم ندوة علمية حول الظواهر السلبية الدخيلة على المجتمع وفد من مركز كربلاء للدراسات والبحوث يزور المكتبة المركزية في كربلاء المقدسة كتاب الامام علي، عليه السلام، قدوة واسوة من أحبّ قوما حشر معهم، و من أحبّ عمل قوم أشرك في عملهم .. محمد جواد الدمستاني مدير مركز كربلاء للدراسات والبحوث يزور جامعة كربلاء لتعزيز التعاون العلمي المشترك مركز كربلاء للدراسات والبحوث يحتفي بذكرى ولادة أمير المؤمنين (عليه السلام) نبارك لكم ذكرى ولادة يعسوب الدين أمير المؤمنين الإمام علي بن أبي طالب (عليه السلام) اكتشاف أثري في مرقد الإمام الحسين (ع): وقفية تاريخية عمرها أكثر من 500 عام هل تعلم؟ - افتتاح المدرسة المهدية في كربلاء.. عودة صرح علمي بعد عقود من الهدم مجلة السبط العلمية المحكمة تعلن عن رفع أحدث بحوثها على موقع المجلات العلمية الأكاديمية العراقية الأوقاف العامة في كربلاء المقدسة (1921-1958م) .. إصدار جديد عن المركز
اخبار عامة / أقلام الباحثين
09:05 AM | 2025-01-18 105
جانب من تشيع الشهيد زكي غنام
تحميل الصورة

الرحّالية، واستحقاق العودة إلى كربلاء

بدايات وأسباب النشوء:

منذ القدم، كانت القوافل المتجهة من كربلاء والسهل الرسوبي العراقي (أرض السواد) باتجاه قلعة الأنبار أو أراضي آشور القديمة، تحتاج إلى محطة استراحة وسطية بعد منطقة عين التمر (شفاثا) ذات القدرات الاقتصادية المحدودة التي لا تكفي لسد احتياجات القوافل المارة بها، ولذا قام عدد من التجار بإنشاء منطقة تضع فيها القوافل رحالها فسمّيت بـ (الرحّالية).

 استوطن الرحّالية في بادئ الأمر البدو الرحّل من قبائل عنزة والغزالات وشمّر وجشعم، وعدد من القبائل الأخرى، ومارسوا فيها بعض الأعمال المدنية. مع الإشارة إلى أن هذه القبائل كانت تتنقل بين كربلاء كمنطقة ينتهي عندها السهل الرسوبي العراقي، وبين نجد والحجاز، فكانت تتخذ من كربلاء سوقًا لها لأنها أقرب سوق إلى البادية، بالإضافة إلى توفر الماء (الفرات) وهو السبب نفسه الذي جعل الإمام الحسين (عليه السلام) يختار كربلاء محطة لرحاله بعد قدومه إلى العراق.

طبيعة المجتمع:

 إنّ الامتداد الحقيقي للرحّالية من الناحية السكانية والعادات والأعراف والتواصل الاجتماعي أقرب ما يكون إلى منطقة عين التمر المحاذية لها، بالإضافة إلى وجود تجانس اجتماعي نسبي مع المجتمع الكربلائي، حيث توجد روابط نسبية وحالات مصاهرة تجمع بين سكان كربلاء وسكان هذه المنطقة، بالإضافة إلى اعتياد أهالي الرحّالية منذ القدم على زيارة المراقد المقدسة في مدينة كربلاء، وهو ما يتشابه مع منطقة النخيب التي تبعد عن قصر الأخيضر بحوالي 180 كم، وعن عين التمر بحوالي 208 كم، و208 كم عن الرحّالية، و210 كم عن كربلاء لكنها تعد جزءًا من المجتمع الكربلائي، ويتواجد أهلها باستمرار في أسواق كربلاء، وعشائرها تمثل امتدادًا لبعض العشائر الكربلائية مثل شمر وعنزة ولم تتغير هويتها الاجتماعية على مر السنين، فكيف بالرحّالية التي هي أقرب إلى كربلاء!؟

الآثار الكربلائية تثبت أنّ الرحاليّة جزءٌ من كربلاء:

 بالعودة إلى التاريخ والدراسات الببلوغرافية والآركولوجية، نجد أنّ الآثار التابعة لكربلاء قد اكتشفها المؤرخون وعلماء الآثار الأجانب على امتداد الصحراء الكائنة في المثلث الجغرافي (كربلاء، الرحّالية، النخيب)، وهذا ما يرمز إلى الترابط التاريخي والحضاري بين هذه المناطق، ولا يوجد تاريخيًا ما يربطها مع غيرها من المناطق أكثر من ارتباط بعضها مع البعض الآخر لتشكل بذلك إرثًا تاريخيًا وحضاريًا لمدينة كربلاء المقدسة.

الرحالية في العهد العثماني:

 جميع الوثائق العثمانية التي يحتفظ بها مركز كربلاء للدراسات البحوث في العتبة الحسينية المقدسة، في نتاجه العلمي الضخم (موسوعة كربلاء الحضارية)، وتحديدًا في الجزء الأول من قسم التاريخ الحديث ضمن المحور التاريخي، تُثبت أن الرحالية كانت تابعة إداريًا إلى كربلاء المقدسة، ومما ورد في هذا الجزء وبوثيقة مصورة (ص210)، أن السلطات العثمانية قررت فك الارتباط الإداري لناحية الرحالية من لواء كربلاء في 12/شباط/1895م، وفق مضبطة صادرة عن مجلس شورى الدولة بالعدد 2973، وذلك بناءً على مطالعة وزارة الداخلية التي تضمنت مبررات واهية بحجة "بعد المسافة بين الرحالية ومركز كربلاء مما يتسبب بتأخر المراسلات والمخابرات، وأن أغلب سكان الرحالية هم من أهل السنة والجماعة، وهو ما يجعلها أقرب إلى لواء الدليم من الناحية الاجتماعية". وعلى هذا الأساس تم إلحاق الرحالية بلواء الدليم، وهو ما ذكره أيضاً المؤرخ العراقي عباس العزاوي في  كتابه التاريخي الشهير "موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين" ص(149)، كما أن هذا القرار قد نُشر في جريدة الزوراء بعددها 2628 لسنة 1313هـ.

 ومن المعلوم أن السلطات العثمانية كانت ترمي بإجرائها هذا إلى إيجاد حزام لتطويق مدينة كربلاء على أساس طائفي، إذا سبق لها أن عملت على تأسيس قضاء الرزازة تحقيقًا للغاية نفسها، وذلك بعد أن عيّنت "عبد المحسن الهذال" أميرًا على عشيرة عنزة، وأهدته مقاطعة الرزازة من ملحقات لواء كربلاء، ووعدته بتشكيل قضاء فيها باسمه يعرف بـ (المحسنية)، ويكون الهذال أول قائمقام لهذا القضاء بشرط أن يتمكن من إسكان عشيرته في الرزازة، ولكن الطبيعة البدوية لعشيرة عنزة آنذاك حالت دون أن يتأقلم أبناؤها مع الحياة المدنية، مما تسبب في عرقلة هذا المشروع.

 ويذكر المؤرخ محمد حسن آل طعمة في كتابه (مدينة الحسين، ج5، ص36) أن عشيرة عنزة قبل هذا التاريخ استوطنت الضواحي الشمالية الغربية من كربلاء بعد معارك دامية مع عشائر شمّر سنة 1780م، وبعد ذلك اشتركوا مع الوهابيين في غزوتهم الثانية لكربلاء سنة 1801م، ويضاف إلى هذا امتناعهم عن نجدة أهالي كربلاء في محنتهم خلال معركة نجيب باشا سنة 1259هـ. وهذا ما دفع العثمانيين إلى دعم مشروع إسكان هذه العشيرة في الرزازة وتحويلها إلى قضاء، في محاولة لإجراء تغيير ديموغرافي لهذه المنطقة وإثارة النعرات الطائفية بينها وبين مركز كربلاء.

الرحاليّة بعد مجيء حزب البعث إلى السلطة:

 لم يكن ما تقدم المرة الوحيدة التي سُلبت فيها الرحّالية من الحدود الإدارية لكربلاء المقدسة، فعلى نفس النهج والمسار قامت السلطات البعثية نكاية بأهالي كربلاء ووفق منظور أمني عنصري، بتحديد محافظة كربلاء المقدسة داخل رقعة جغرافية صغيرة تكون بحيرة الرزازة مانعًا مائيًّا يحد من حركة النشطاء من سكانها منعًا لقيام انتفاضات شعبية ضد النظام الحاكم؛ فقررت السلطات فك ارتباط ناحية الرحّالية التابعة إلى محافظة كربلاء المقدسة وإلحاقها بمحافظة الأنبار بموجب المرسوم الجمهوري رقم (٣٤٢) في ١٧ / ٦ / ۱۹۷۸م، فأصبحت كربلاء ضمن حدودها الجغرافية الضيقة الحالية بعد استقطاع مساحة كبيرة من حدوها الغربية التي تمثل نصف المساحة الكلية للمحافظة، فمساحة كربلاء 513 كم مربع، ومساحة الرحّالية حوالى 500 كم مربع، في حين أن مساحة محافظة الأنبار تفوق مساحة كربلاء بما يقارب العشرة أضعاف، فما الداعي لضم مساحات جديدة إليها قد تكون عبئًا إداريًا وسكانيًّا على هذه المحافظة التي تشغل ثلث جغرافيا العراق. واللافت أن هذا القرار لم يكن بطلب سكان أو إدارة أيٍّ من المحافظتين أو من قبل أهالي المنطقة ذاتها، وإنما كان بطلب من وزير الداخلية آنذاك وفق ما ذُكر في هذا المرسوم.

الغطاء الدستوري لعودة الرحالية إلى كربلاء:

 تنص الفقرة الأولى من المادة 140 من دستور جهورية العراق 2005 والخاصة بحل مشكلة المناطق المتنازع عليها، على أن تتولى السلطة التنفيذية اتخاذ الخطوات اللازمة لاستكمال تنفيذ متطلبات المادة (58) من قانون إدارة الدولة العراقية للمرحلة الانتقالية سنة 2004. وبالعودة إلى فقرات المادة سالفة الذكر فإنّ السلطة التنفيذية ملزمة استنادًا لهذه المادة، بمعالجة المشاكل والتغييرات الديموغرافية والحدودية بين المحافظات، وإعادة الوضع إلى ما كان عليه.

 ومن الجدير بالذكر، أن الفقرة (ج) من المادة (58) من قانون إدارة الدولة قد نصت على أنّه: "تؤجّل التسوية النهائية للأراضي المتنازع عليها، ومن ضمنها كركوك، إلى حين استكمال الإجراءات أعلاه، وإجراء إحصاء سكاني عادل وشفاف وإلى حين المصادقة على الدستور الدائم...". وهذا يعني أن الإحصاء السكاني الذي أُجري في العراق نهاية العام المنصرم 2024 يمهد الطريق لتنفيذ هذه المادة وحل النزاع حول هذه المناطق، ومن ضمنها منطقة الرحّالية.

مطالبات مسؤولي المحافظة بإعادة الرحّالية إلى كربلاء:

 إنّ كل ما ورد في هذا التقرير من وثائق إدارية وقانونية ومصادر تاريخية، كان سببًا في دعوات ومطالبات متكررة في وقت سابق، من قبل بعض مسؤولي المحافظة، طالبوا فيها الحكومة المركزية بإرجاع الرحّالية إلى الحدود الإدارية لمحافظة كربلاء المقدسة، وكان من بينها دعوات السيد محافظ كربلاء الأسبق الأستاذ آمال الدين الهر التي كان آخرها في تصريح صحفي بتاريخ 2009-05-24، والنائب السابق عن محافظة كربلاء السيد حامد الموسوي في طلب رسمي قدمه إلى مكتب رئاسة مجلس الوزراء بتاريخ 16-4-2021، ومجلس محافظة كربلاء بطلب قدمه إلى القضاء عام 2010م، و قائمقام كربلاء السابق حسين المنكوشي عام 2022، وغيرها من المطالب الأخرى.

انتهى.

Facebook Facebook Twitter Whatsapp