ان الدين فضلاً عن الحقائق الثلاث الكبرى التي ينبئ عنها -من وجود الله سبحانه ورسالته الى الانسان. وبقاء الإنسان بعد هذه الحياة، وهي القضايا الأهم في حياة الإنسان على الإطلاق-يتضمن بطبيعة الحال جملة من التعاليم التي ينصح بها في ضوء تلك الحقائق مع اخذ الشؤون العامة لحياة الانسان بنظر الاعتبار. وحينئذٍ يقع التساؤل عن اتجاه هذه التعاليم، ورؤيتها للجوانب الإنسانية العامة، ومقدار مؤونة مراعاتها او معونتها للإنسان.
في أمر حضانة الأطفال في حال فراق الزوجين جاء في السُنَّة إناطتها في حال كون عمر الطفل سنتين فأكثر بالأب، وهو ما قد يقدّر أضراراً بالزوجة، لأنها بعاطفتها أكثر تمسكاً بالأطفال من الزوج، ولكن ربما كان الملحوظ في هذا التشريع أن الأب هو القيّم على الأسرة والمسؤول عليها، فهو أولى بأن يُحمَّل هذه المسؤولية.
ومن المعلوم أنّ الحضانة مسؤوليّة ثقيلة لا يرغب فيها كثير من الآباء؛ إذ الطرفان المفترقان عادةً يرغبان في زواجٍ جديد، بل ربما كان التشريع ناظراً إلى دفعهما بهذا الاتجاه ستراً لهما، وإناطة مسؤوليّة الأطفال بأيّ واحدٍ يصادم هذه الرغبة، وهو أكثر صدوداً للمرأة عن الزواج مرة أخرى منه للرجل، لا سيّما أنّ الرجل أقدر على فرض رعاية الأطفال في الأسرة الجديدة من فرض المرأة رعايتهم مع الزوج الجديد.
المصدر / محمد باقر السيستاني، اتجاه الدين في مناحي الحياة، ص، 189 - 190.