8:10:45
انعقاد المؤتمر العشائري العام في رحاب العتبة الحسينية المقدسة استمرار الدورة الفقهية في مركز كربلاء للدراسات والبحوث المركز يقيم ندوة إلكترونية بذكرى عيد الغدير الأغر شارع الجمهورية.. الحلقة الرابطة بين أسواق كربلاء اليوم العالمي لمكافحة المخدرات برنامج بعيون كربلائية باب السلالمة احتفالية عيد الغدير الاغر في مركز كربلاء للدراسات والبحوث اجواء كربلاء المقدسة في عيد الغدير || تغطية المركز من اصدارات المركز... الشيخ محمد تقي الشيرازي رسول الحرية ندوة الكترونية في ذكرى عيد الغدير: أحاديث نبوية تؤكد خلافة أمير المؤمنين (عليه السلام) فلسفة المواقف القولية.. عيد الغدير أنموذجاً ندوة الكترونية تعرّف على أول صحيفة كربلائية خلال العهد الملكي رؤية الإمام زين العابدين (ع) في العلاقات الاجتماعية و الصداقات للوصول إلى سعادة المجتمعات أسر كربلائية.. آل الرضوي فضل زيارة الامام الحسين في يوم عرفه تعزية صدور النشرة الإحصائية السنوية لزيارة أربعينية الإمام الحسين المباركة لعام (2023م -1445هـ) كربلاء المقدسة تكتظ بجموع الزائرين لإحياء زيارة يوم عرفة
اخبار عامة / أقلام الباحثين
11:36 AM | 2024-06-22 170
جانب من تشيع الشهيد زكي غنام
تحميل الصورة

رؤية الإمام زين العابدين (ع) في العلاقات الاجتماعية و الصداقات للوصول إلى سعادة المجتمعات

العلاقات الاجتماعية بين النّاس ضرورة لا يستغني عنها فرد أو جماعة، يحتاجونها كما يحتاجون أفضل الطرق لها لوصول المجتمع إلى أحسن أحواله و أسعد حالاته، و من تعاليمهم عليهم السلام في هذا رواية عظيمة في الصداقات و العلاقات بين النّاس، و المجتمعات أفرادا و جماعات بحاجة إلى العمل بها و تطبيقها، وفيها تعاليم فيما يمكن عنونته و تصنيفه ضمن فن التعامل مع النّاس، و لو عمل النّاس بها لتغيرت المجتمعات إلى الأفضل و الأسعد، تُروى عن الإمام زين العابدين علي بن الحسين عليه السلام.

                        

و أصل الرواية أنّه دخل على الإمام زين العابدين (ع) يوما ما الزّهري و هو كئيب حزين فسأله الإمام عليه السلام عن سبب ذلك فقال ذلك من جهة حُسَّاد نِعَمِه وَ الطَّامِعِين فيه ممن يرجوهم و يحسن إليهم، فجعل الإمام (ع) يوصيه وينصحه.

                             

و أوصاه أولا في حفظ اللسان، أن يحفظ الإنسان لسانه للحفاظ على الصداقات و العلاقات، فاللسان هو مدخل و بوابة جذب و شد الإخوان و الأصدقاء عند الاستفادة منه بطريقة صحيحة، كما أنّه مدخل و بوابة طرد و نبذ الإخوان و الأصدقاء في استخدامه بطريقة خاطئة، قال عليه السلام : «اِحْفَظْ عَلَيْكَ لِسَانَكَ تَمْلِكْ بِهِ إِخْوَانَكَ»، فالأساس الأول في العلاقات ضبط اللسان، أي ما تقول و ما لا تقول، و ما ينبغي أن تقوله أو تمتنع عنه.

                                                                                                                           

و أن لا يَعجَب الإنسان بنفسه حينما يُحسن إلى إخوانه و أصدقائه بما يبدر من كلامه، قال (ع) : « إِيَّاكَ أَنْ تُعْجَبَ مِنْ نَفْسِكَ بِذَلِك» .

 

و يحذر الإمام من الكلام بما تُنكره القلوب و  ترفضه و لا يقبله النّاس و لا يعترفون به، حتى مع من يمتلك حُجة يقدمها لتبريره أو لنفي ذنبه أو التنصل منه، فالكلام السيئ و الشر إذا وقع أخذ أثره و قد لا يتقبل موضوعه و صاحبه الموجّه إليه العُذر، و بتعبير الإمام (ع) «وَ إِيَّاكَ أَنْ تَتَكَلَّمَ بِمَا يَسْبِقُ إِلَى اَلْقُلُوبِ إِنْكَارُهُ، وَ إِنْ كَانَ عِنْدَكَ اِعْتِذَارُهُ، فَلَيْسَ كُلُّ مَنْ تُسْمِعَهُ شَرّاً يُمْكِنُكَ أَنْ تُوَسِّعَهُ عُذْراً»، فقد يرمي الإنسان كلاما يؤذي الآخرين فيه ثم يحاول لاحقا التنصل منه و الاعتذار عنه أو تبريره، لكن قد لا يفيد كل ذلك فقد وقع الجرح في القلب و أخذ مأخذه، و « تَرْكُ الذَّنْبِ أَهْوَنُ مِنْ طَلَبِ التَّوْبَةِ» كما روي عن أمير المؤمنين عليه السلام في نهج البلاغة.

 

و يوصي عليه السلام باستعمال العقل و  كمال العقل و التبصر و أن يكون عقل الإنسان من أكمل ما فيه، و إلا فالهلاك، قال (ع): «مَنْ لَمْ يَكُنْ عَقْلُهُ مِنْ أَكْمَلِ مَا فِيهِ، كَانَ هَلاَكُهُ مِنْ أَيْسَرِ مَا فِيهِ»، و ضرورة استعمال العقل للنجاة و عدم الركون للأهواء و المشتهيات و الغرائز.

                                       

ثم ذكر عليه السلام وصايا في التعامل مع الآخرين و هم الطبقات المتعددة في المجتمع، و أن يتعامل الإنسان معهم كأنّهم أهل بيته و أسرته، أي يتعامل معهم كأنّهم أقرب أقربائه و ليس كأنّهم غرباء، «أَمَا عَلَيْكَ أَنْ تَجْعَلَ اَلْمُسْلِمِينَ مِنْكَ بِمَنْزِلَةِ أَهْلِ بَيْتِكَ».

                                                   

«فَتَجْعَلَ كَبِيرَهُمْ بِمَنْزِلَةِ وَالِدِكَ»، فيتعامل مع الكبير في المجتمع كما يتعامل مع والده من التوقير والاحترام والتعظيم و الإحسان «وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا»، و عدم الإساءة و الأذية، و المصاحبة بالمعروف إلى غير ذلك من الواجبات والآداب التي يتعامل بها الإنسان مع والده.

                                                                     

«وَ تَجْعَلَ صَغِيرَهُمْ بِمَنْزِلَةِ وَلَدِكَ» و التعامل مع الولد يتصف بالرفق و الرحمة و الشفقة و الرعاية و يَعْنِي والده ما يَعْنِيه كما قال أمير المؤمنين عليه السلام و روي في نهج البلاغة: «وَجَدْتُكَ بَعْضِي بَلْ وَجَدْتُكَ كُلِّي، حَتَّى كَأَنَّ شَيْئاً لَوْ أَصَابَكَ أَصَابَنِي، وَ كَأَنَّ الْمَوْتَ لَوْ أَتَاكَ أَتَانِي فَعَنَانِي مِنْ أَمْرِكَ مَا يَعْنِينِي مِنْ أَمْرِ نَفْسِي»، فالتعامل مع من هو أصغر منك في المجتمع برعاية و اهتمام الأبوة.

 

«وَ تَجْعَلَ تِرْبَكَ مِنْهُمْ بِمَنْزِلَةِ أَخِيكَ»، تِرب و الجمع أتْراب بمعنى مماثل في السِّنِّ، فإذا كان شخص في سنّ قريب من سنّك فاجعله و تعامل معه كأنّه أخوك، فتكون عضيده و يدّه و عزّه و قوته و نصيره و معينه على الطاعات، فهي صفات الأخوة.

                       

فإذا  كان التعامل مع أفراد المجتمع بهذه الكيفية كأنه والدك، كأنّه ولدك، كأنّه أخوك، فلن تحبّ أن تظلمهم، و لا تدعو عليهم، و لا تهتك سترهم  و كشف مساوئهم، قال عليه السلام : «فَأَيَّ هَؤُلاَءِ تُحِبُّ أَنْ تَظْلِمَ، وَ أَيُّ هَؤُلاَءِ تُحِبُّ أَنْ تَدْعُوَ عَلَيْهِ، وَ أَيُّ هَؤُلاَءِ تُحِبُّ أَنْ تَهْتِكَ سِتْرَهُ».

و إذا غّرر بك إبليس، و وسوس لك، و قال لك أنت أفضل من فلان، فلا تطعه و لا تنخدع، بل توقّف و ازجره، «وَ إِنْ عَرَضَ لَكَ إِبْلِيسُ لَعَنَهُ اَللَّهُ بِأَنَّ لَكَ فَضْلاً عَلَى أَحَدٍ مِنْ أَهْلِ اَلْقِبْلَةِ».

 

و انظر إلى فلان، فإن كان ما وسوس لك إبليس بافضليتك عليه أكبر منك سنّا، فقل هذا سبقني بالإيمان و سبقني بالعمل الصالح فهو خير منّي، و أحسن منّي ، «فَانْظُرْ إِنْ كَانَ أَكْبَرَ مِنْكَ فَقُلْ قَدْ سَبَقَنِي بِالْإِيمَانِ وَ اَلْعَمَلِ اَلصَّالِحِ فَهُوَ خَيْرٌ مِنِّي».

 

و إن  كان ما وسوس لك إبليس بافضليتك عليه أصغر منك سنّا، فقل أنّا سبقته بالمعاصي و سبقته بالذنوب، فهو خير منّي، «وَ إِنْ كَانَ أَصْغَرَ مِنْكَ فَقُلْ قَدْ سَبَقْتُهُ بِالْمَعَاصِي وَ اَلذُّنُوبِ فَهُوَ خَيْرٌ مِنِّي».

 

و إن  كان ما وسوس لك إبليس بافضليتك عليه في سنّك أو قريب من سنّك، فقل أنّا على يقين من ذنبي و متأكد، وَ أنّا في شك من أمره و لست متأكدا ، فأبقى و اتمسك بيقيني بذنبي ، «وَ إِنْ كَانَ تِرْبَكَ فَقُلْ أَنَا عَلَى يَقِينٍ مِنْ ذَنْبِي وَ فِي شَكٍّ مِنْ أَمْرِهِ فَمَا لِي أَدَعُ يَقِينِي لِشَكِّي».

 

و إن رأيت المسلمين يحترمونك، يوقرونك، يكرمونك، فلا تغتر و لا تختال أو تتكبر و لا تتعالى، بل قل هذا فضل و إحسان و جميل أخذوا به، «وَ إِنْ رَأَيْتَ اَلْمُسْلِمِينَ يُعَظِّمُونَكَ وَ يُوَقِّرُونَكَ وَ يُبَجِّلُونَكَ فَقُلْ هَذَا فَضْلٌ أَخَذُوا بِهِ».

                                                               

و إن رأيت من المسلمين جفاء، إعراضا، ثقْلا، غلاظة، قساوة، أو رأيت انقِباضا ، ضِّيقا ، تقاصُرا، فقل هَذَا لِذَنْبٍ أَحْدَثْتُهُ، و اتهم نفسَك و راجعها و حاسبها، و  ابحث عن مواقع الخطأ لعلك تجد، «وَ إِنْ رَأَيْتَ مِنْهُمْ جَفَاءً وَ اِنْقِبَاضاً فَقُلْ هَذَا لِذَنْبٍ أَحْدَثْتُهُ».

                            

فإذا قمت بهذه الوصايا و التعاليم و هذه المراجعات و المحاسبات، سهّل الله عليك عيشك و حياتك و دَّخْلك، و كثر أصدقاؤك و أصحابك و إخوانك، و تفرح مما يكون من خيرهم، و لا تأسف على ما يكون من جفائهم و إعراضهم أو قساوتهم أو حتى قطيعتهم، بل تكون في حالة استقرار نفسي و سكينة، و اطمئنان و راحة، «فَإِنَّكَ إِذَا فَعَلْتَ ذَلِكَ سَهَّلَ اَللَّهُ عَلَيْكَ عَيْشَكَ، وَ كَثُرَ أَصْدِقَاؤُك، وَ فَرِحْتَ بِمَا يَكُونُ مِنْ بِرِّهِم،ْ وَ لَمْ تَأْسَفْ عَلَى مَا يَكُونُ مِنْ جَفَائِهِمْ».

 

خاتمة الرواية يبّين الإمام عليه السلام أكرم النّاس على النّاس، فأكرمهم من كان خيره و بِرّه و إِحسانه و عطاؤه  فائضا وفيرا زائدا للنّاس، يكرم و يعطي ويحسن للنّاس، و هو مستغنيا عنهم و متعفّفا عنهم، و عطاؤه خالص دون مقابل، قال عليه السلام: «وَ اِعْلَمْ أَنَّ أَكْرَمَ اَلنَّاسِ عَلَى اَلنَّاسِ مَنْ كَانَ خَيْرُهُ عَلَيْهِمْ فَائِضاً، وَ كَانَ عَنْهُمْ مُسْتَغْنِياً مُتَعَفِّفاً».

                                

و الثاني في مرتبة أكرم النّاس على النّاس من كان متعفّفا زاهدا و إن كان للنّاس محتاجا، محتاج لكنه يتعفف و يتنزه، «وَ أَكْرَمَ اَلنَّاسِ بَعْدَهُ عَلَيْهِمْ مَنْ كَانَ مُتَعَفِّفاً وَ إِنْ كَانَ إِلَيْهِمْ مُحْتَاجاً».

                                                      

قال عليه السلام «فَإِنَّمَا أَهْلُ اَلدُّنْيَا  يَتَعَقَّبُونَ اَلْأَمْوَالَ،فَمَنْ لَمْ يُزَاحِمْهُمْ فِيمَا يَتَعَقَّبُونَهُ كَرُمَ عَلَيْهِمْ، وَ مَنْ لَمْ يُزَاحِمْهُمْ فِيهَا وَ مَكَّنَهُمْ مِنْ بَعْضِهَا كَانَ أَعَزَّ وَ أَكْرَمَ».

طبيعة أهل الدّنيا يتعقبون الأموال و يتتبعونها، فمن لم يزاحمهم فيما يتعقبونه من الأموال، ولم ينافسهم فيها كَرُمَ عليهم، أي صار كريما عزيزا ، و صاحب كرامة و عزّة عندهم، وَ مَنْ لَمْ يُزَاحِمْهُمْ فِي الأموال، و لم يسابقهم أو يدافعهم في الأموال بل وَ مَكَّنَهُمْ مِنْ بَعْضِهَا ، و ذلّل و سهّل بعضها لهم، كان أكثر عزة و أكثر كرامة، كَانَ أَعَزَّ وَ أَكْرَمَ.

 

و إذا كان المجتمع كله يتعامل بهذه الطريقة التي يوصي بها الإمام زين العابدين عليه السلام فإنّه سيسوده الأمن و الأمان و التراحم و العدل و سيترقى حتى يصل إلى درجات من السعادة و الكمال.

 

و نص الرواية كما جاء في كتاب الاحتجاج للشيخ الطبرسي في الصفحة 319، من الجزء الثاني، هو :

قال : وَ بِالْإِسْنَادِ اَلْمُقَدَّمِ ذِكْرُهُ أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ عَلِيٍّ اَلْبَاقِرَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ قَالَ:

دَخَلَ مُحَمَّدُ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ شِهَابٍ اَلزُّهْرِيُّ عَلَى عَلِيِّ بْنِ اَلْحُسَيْنِ عَلَيْهِمَا السَّلاَمُ وَ هُوَ كَئِيبٌ حَزِينٌ

فَقَالَ لَهُ زَيْنُ اَلْعَابِدِينَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ مَا بَالُكَ مَغْمُوماً؟

قَالَ يَا اِبْنَ رَسُولِ اَللَّهِ غُمُومٌ وَ هُمُومٌ تَتَوَالَى عَلَيَّ لِمَا اُمْتُحِنْتُ بِهِ مِنْ جِهَةِ حُسَّادِ نِعَمِي، وَ اَلطَّامِعِينَ فِيَّ ، وَ مِمَّنْ أَرْجُو وَ مِمَّنْ أَحْسَنْتُ إِلَيْهِ فَيُخْلِفُ ظَنِّي.

فَقَالَ لَهُ عَلِيُّ بْنُ اَلْحُسَيْنِ عَلَيْهِمَا السَّلاَمُ اِحْفَظْ عَلَيْكَ لِسَانَكَ تَمْلِكْ بِهِ إِخْوَانَكَ

قَالَ اَلزُّهْرِيُّ يَا اِبْنَ رَسُولِ اَللَّهِ إِنِّي أُحْسِنُ إِلَيْهِمْ بِمَا يَبْدُرُ مِنْ كَلاَمِي

قَالَ عَلِيُّ بْنُ اَلْحُسَيْنِ عَلَيْهِمَا السَّلاَمُ هَيْهَاتَ هَيْهَاتَ إِيَّاكَ أَنْ تُعْجَبَ مِنْ نَفْسِكَ بِذَلِك،َ وَ إِيَّاكَ أَنْ تَتَكَلَّمَ بِمَا يَسْبِقُ إِلَى اَلْقُلُوبِ إِنْكَارُهُ وَ إِنْ كَانَ عِنْدَكَ اِعْتِذَارُهُ، فَلَيْسَ كُلُّ مَنْ تُسْمِعَهُ شَرّاً يُمْكِنُكَ أَنْ تُوَسِّعَهُ عُذْراً .

ثُمَّ قَالَ يَا زُهْرِيُّ مَنْ لَمْ يَكُنْ عَقْلُهُ مِنْ أَكْمَلِ مَا فِيهِ كَانَ هَلاَكُهُ مِنْ أَيْسَرِ مَا فِيهِ

ثُمَّ قَالَ يَا زُهْرِيُّ أَمَا عَلَيْكَ أَنْ تَجْعَلَ اَلْمُسْلِمِينَ مِنْكَ بِمَنْزِلَةِ أَهْلِ بَيْتِكَ

فَتَجْعَلَ كَبِيرَهُمْ بِمَنْزِلَةِ وَالِدِكَ

وَ تَجْعَلَ صَغِيرَهُمْ بِمَنْزِلَةِ وَلَدِكَ

وَ تَجْعَلَ تِرْبَكَ مِنْهُمْ بِمَنْزِلَةِ أَخِيكَ؟

فَأَيَّ هَؤُلاَءِ تُحِبُّ أَنْ تَظْلِمَ، وَ أَيُّ هَؤُلاَءِ تُحِبُّ أَنْ تَدْعُوَ عَلَيْهِ، وَ أَيُّ هَؤُلاَءِ تُحِبُّ أَنْ تَهْتِكَ سِتْرَهُ،

وَ إِنْ عَرَضَ لَكَ إِبْلِيسُ لَعَنَهُ اَللَّهُ بِأَنَّ لَكَ فَضْلاً عَلَى أَحَدٍ مِنْ أَهْلِ اَلْقِبْلَةِ فَانْظُرْ إِنْ كَانَ أَكْبَرَ مِنْكَ فَقُلْ قَدْ سَبَقَنِي بِالْإِيمَانِ وَ اَلْعَمَلِ اَلصَّالِحِ فَهُوَ خَيْرٌ مِنِّي

وَ إِنْ كَانَ أَصْغَرَ مِنْكَ فَقُلْ قَدْ سَبَقْتُهُ بِالْمَعَاصِي وَ اَلذُّنُوبِ فَهُوَ خَيْرٌ مِنِّي

وَ إِنْ كَانَ تِرْبَكَ فَقُلْ أَنَا عَلَى يَقِينٍ مِنْ ذَنْبِي وَ فِي شَكٍّ مِنْ أَمْرِهِ فَمَا لِي أَدَعُ يَقِينِي لِشَكِّي

وَ إِنْ رَأَيْتَ اَلْمُسْلِمِينَ يُعَظِّمُونَكَ وَ يُوَقِّرُونَكَ وَ يُبَجِّلُونَكَ فَقُلْ هَذَا فَضْلٌ أَخَذُوا بِهِ

وَ إِنْ رَأَيْتَ مِنْهُمْ جَفَاءً وَ اِنْقِبَاضاً فَقُلْ هَذَا لِذَنْبٍ أَحْدَثْتُهُ

فَإِنَّكَ إِذَا فَعَلْتَ ذَلِكَ سَهَّلَ اَللَّهُ عَلَيْكَ عَيْشَكَ، وَ كَثُرَ أَصْدِقَاؤُك، وَ فَرِحْتَ بِمَا يَكُونُ مِنْ بِرِّهِم،ْ وَ لَمْ تَأْسَفْ عَلَى مَا يَكُونُ مِنْ جَفَائِهِمْ،

وَ اِعْلَمْ أَنَّ أَكْرَمَ اَلنَّاسِ عَلَى اَلنَّاسِ مَنْ كَانَ خَيْرُهُ عَلَيْهِمْ فَائِضاً، وَ كَانَ عَنْهُمْ مُسْتَغْنِياً مُتَعَفِّفاً،

وَ أَكْرَمَ اَلنَّاسِ بَعْدَهُ عَلَيْهِمْ مَنْ كَانَ مُتَعَفِّفاً وَ إِنْ كَانَ إِلَيْهِمْ مُحْتَاجاً ، فَإِنَّمَا أَهْلُ اَلدُّنْيَا يَتَعَقَّبُونَ اَلْأَمْوَالَ فَمَنْ لَمْ يُزَاحِمْهُمْ فِيمَا يَتَعَقَّبُونَهُ كَرُمَ عَلَيْهِمْ ، وَ مَنْ لَمْ يُزَاحِمْهُمْ فِيهَا وَ مَكَّنَهُمْ مِنْ بَعْضِهَا كَانَ أَعَزَّ وَ أَكْرَمَ.

 

محمد جواد الدمستاني

10 ذي الحجة 1445هـ

الموافق 17-06-2024م

 

Facebook Facebook Twitter Messenger Messenger WhatsApp Telegram Viber Email
مواضيع ذات صلة
2020-10-06 1487
2020-10-08 1852