عقد مركز كربلاء للدراسات والبحوث التابع للعتبة الحسينية المقدسة وبالتعاون مع "مجموعة مسك كربلاء للحفاظ على قدسية وهوية المدينة" ندوة في الحائر الحسيني قاعة سيد الأوصياء حول قدسية المدينة والحفاظ على هويتها وذلك بتاريخ 21/12/2025 وقد خلصت الندوة الى ما يلي:
(المدن المقدسة في العالم الاسلامي بشكل عام وفي العراق بشكل خاص وفي مقدمتها كربلاء والنجف وسامراء والكاظمية، تشكل ركائز أساسية في الذاكرة الدينية والثقافية للأمة، بوصفها حواضن للقيم ومرتكزات للهوية ومنارات للإيمان ذات خصوصية لا تنفصل عن عقيدة المجتمع وقيمه العليا).
بيد أنّ هذه المدن تواجه اليوم تحديات متزايدة، تتمثل بمحاولات تغيير هويتها الأصيلة تحت عناوين متعددة كالتحديث غير المنضبط، والانفتاح المشوَّه، وسياسات التغريب الثقافي الهادفة الى اضعاف الانتماء الديني وتحويل المدينة المقدسة الى بيئة مختلطة مشوشة بما يمهد لاضمحلال خصوصيتها التاريخية والرسالية، وهذا ما نراه اليوم من مظاهر بدأت تتفشى في الشارع الكربلائي مثل السفور واللباس غير المحتشم والتبرج الصارخ الذي اخذ يغزو دوائر الدولة والشارع، فضلاً عن المظاهر غير المحتشمة للبعض من طالبات الجامعات الحكومية والاهلية وهذا الامر يعد انتهاكا صارخا لخصوصية كربلاء والمساس بقداستها وعملاً فاضحا وخادشا لتاريخها وموروثها الديني والثقافي والفكري مما يوجب التصدي للحفاظ على خصوصيتها الدينية والثقافية ويجعل ذلك أمراً ملحا ودعوة عاجلة للمجتمع بوصفه الحارس الطبيعي للقيم الدينية والاعراف المتوارثة، فعن النبي (صلى الله عليه وآله): إن لكل دين خلقا، وإن خلق الإسلام الحياء. وعن الإمام علي (عليه السلام): الحياء يصد عن الفعل القبيح.
- وعنه (عليه السلام): أصل المروءة الحياء، وثمرتها العفة .
- وعنه (عليه السلام): على قدر الحياء تكون العفة
وعن الإمام الصادق عليه السلام (لا إيمان لمن لا حياء له.).
وفي المحاسن عن أبي عبد الله عن أبيه (عليهما السلام) قال: قال: علي "صلوات الله عليه" إن الله يغار للمؤمن فليغر من لا يغار فإنه منكوس القلب.
وفي المحاسن ايضا عن أحمد بن محمد عن ابن محبوب عن رجل عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال رسول الله ص: كان إبراهيم "عليه السلام" غيورا وجدع الله أنف من لا يغار.
وفي بحار الانوار ج١٠ ص ٢٤٩. عن النبي "صلى الله عليه وآله" قال: وأيما رجل تتزين امرأته وتخرج من باب دارها فهو ديوث ولا يأثم من يسميه ديوثا، والمرأة إذا خرجت من باب دارها متزينة متعطرة والزوج بذلك راض يبنى لزوجها بكل قدم بيت في النار.
قد يفهم البعض بأننا نرفض الحداثة أو التطور بل العكس هدفنا تسخيرهما بما يخدم المدينة والحفاظ على هويتها بدلا من محوها من خلال التوازن بين الاصالة والانفتاح وهذا يتطلب رؤية تحفظ الجوهر وتصون الذاكرة بوصفها الإرث الانساني والروحي والحضاري ومواجهة كل ما يهدد قدسيتها لان الحفاظ عليها هو حفاظ على ذات الامة ورمزيتها وتراثها وموروثها الفكري والثقافي وهذا ما أكدته الاتفاقيات الدولية، ولا سيما اتفاقيات منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو)، التي أكدت على ضرورة صون التراث الثقافي والفكري للشعوب، واحترام الخصوصيات الحضارية والدينية للمدن ذات القيمة الاستثنائية. وهذه الاتفاقيات تمنح الدول والمجتمعات حقاً مشروعاً في حماية مدنها التاريخية من أي تشويه مادي أو معنوي يفرغها من مضمونها.
فقد نصت اتفاقية حماية التراث العالمي الثقافي والطبيعي لعام 1972م واتفاقية صون التراث الثقافي غير المادي لعام 2003م على أهمية حماية المواقع ذات القيمة التاريخية والدينية، وعدّت أي محاولة لطمس معالمها أو تغيير هويتها انتهاكًا لحق الشعوب في الحفاظ على ذاكرتها. وبذلك، فإن صون المدن المقدسة ليس واجبًا دينيًا وثقافيًا فحسب، بل هو أيضًا التزام دولي تحثّ عليه مواثيق معتمدة عالميًا لضمان استمرار التنوع الثقافي وحمايته للأجيال القادمة.
إنّ المدن المقدسة ليست مجرد جغرافيا، بل هي رسالة وهوية وذاكرة أمة، وحمايتها من محاولات التغيير والتذويب ليست موقفاً انغلاقياً، بل دفاع حضاري مشروع يضمن استمرارية القداسة، ويحفظ للأجيال القادمة حقها في مدينة تعكس قيمها، وتترجم عمقها الروحي والتاريخي.
وختاما نتقدم بالشكر والامتنان للحكومة المحلية الموقرة على جهودها المبذولة في هذا الصدد ومع ازدياد حالات الخرق مما يتطلب اتخاذ التدابير والاجراءات اللازمة للحد من هذه الظواهر بما يضمن الحفاظ على هوية المدينة وخصوصيتها.
لذا أوصى الحاضرون من أهالي كربلاء المقدسة بالاتي :
1.تطبيق احكام المادة (١٠) من الدستور ونصها
(العتبات المقدسة، والمقامات الدينية في العراق، كياناتٌ دينيةٌ وحضارية، وتلتزم الدولة بتأكيد وصيانة حرمتها، وضمان ممارسة الشعائر بحرية فيها.)
2. الفقرة ثالثا من المادة (24) من قانون الوقف الشيعي رقم 57 لسنة 2012م ونصها
(المدن المقدسة لها حرمة لا يجوز انتهاكها بأي فعل مخالف للآداب او الاخلاق العامة ويحظر فيها ممارسة كل فعل فاضح مخل بالحياء)
3. والعمل على تطبيق أحكام قانون العقوبات العراقي رقم69 لسنة 1969م.
المادة 400 منه ونصها:
(من ارتكب مع شخص، ذكرا أو انثى، فعلا مخلا بالحياء بغير رضاه أو رضاها يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على سنة وبغرامة لا تزيد على مائة دينار أو بإحدى هاتين العقوبتين.)
والمادة 401 ونصها:
(يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على ستة اشهر وبغرامة لا تزيد على خمسين دينارا أو بإحدى هاتين العقوبتين من اتى علانية عملا مخلا بالحياء.)
والمادة 402 ونصها:
(يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على ثلاثة اشهر وبغرامة لا تزيد على ثلاثين دينارا أو بإحدى هاتين العقوبتين:
أ – من طلب أمورا مخالفة للآداب من آخر ذكرا كان أم انثى.
ب – من تعرض لأنثى في محل عام بأقوال أو افعال أو اشارات على وجه يخدش حياءها.
2 – وتكون العقوبة الحبس مدة لا تزيد على ستة اشهر والغرامة التي لا تزيد على مائة دينار اذا عاد الجاني الى ارتكاب جريمة أخرى من نفس نوع الجريمة التي حكم من اجلها خلال سنة من تاريخ الحكم السابق.)
المادة 403 ونصها:
(يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على سنتين وبغرامة لا تزيد على مائتي دينار أو بإحدى هاتين العقوبتين كل من صنع أو استورد أو صدر أو حاز أو احرز أو نقل بقصد الاستغلال أو التوزيع كتابا أو مطبوعات أو كتابات اخرى أو رسوما أو صورا أو افلاما أو رموزا أو غير ذلك من الاشياء اذا كانت مخلة بالحياء أو الآداب العامة.
ويعاقب بالعقوبة ذاتها كل من أعلن عن شيء من ذلك أو عرضه على انظار الجمهور أو باعه أو أجره أو عرضه للبيع أو الايجار ولو في غير علانية. وكل من وزعه أو سلمه للتوزيع بأية وسيلة كانت.
ويعتبر ظرفا مشددا اذا ارتكبت الجريمة بقصد افساد الاخلاق.)
المادة 404 ونصها:
(يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على سنة أو بغرامة لا تزيد على مائة دينار كل من جهر بأغان أو أقوال فاحشة أو مخلة بالحياء بنفسه أو بواسطة جهاز آلي وكان ذلك في محل عام.)
وكذلك قانون قدسية كربلاء الصادر عام 2012 م عن مجلس محافظة كربلاء المقدسة الموقر.
اما بخصوص الاسماء التجارية واللوحات الاعلانية والتي بات يشكل بعضها خرقا واضحا لقدسية المدينة وحضارتها وموروثها الفكري والثقافي فلابد للأخوة في غرفة تجارة كربلاء وغرفة صناعة كربلاء واتحاد رجال الاعمال واتحاد الصناعات، من تطبيقات احكام قانون التجارة العراقي رقم ٣٠ لسنة 1984م
المادة (٢١) ثانيا ونصها (لا يجوز للتاجر ان يتخذ اسمه التجاري من الاسماء غير العربية او غير العراقية.....). وكذلك نظام الأسماء التجارية والسجل التجاري رقم (6) لسنة 1985
المادة 3 منه ونصها
لا يسجل اسما تجاريا:
اولا – الاسم المخالف للنظام العام او الآداب .)
والفقرة خامسا ونصها (الاسم غير العربي او العراقي،.....)
فضلا عما ذكر نطالب بما يأتي:
1- توزيع منشورات توضح المواد القانونية النافذة بخصوص قدسية المدينة في السيطرات كافة وتعريف الأخوة الزائرين والوافدين بتلك القوانين ومراعاتها وإعلامهم بتعرض المخالفين للمحاسبة وفق القانون.
2- الاعمام على الجامعات كافة في كربلاء المقدسة الاهلية والحكومية بإلزام الطلبة بزي محتشم يتناسب وخصوصية المدينة المقدسة. والزام تلك الجامعات بتوفير أقسام داخلية للطالبات تُدار وفق الضوابط التي نصت عليها وزارة التعليم العالي والبحث العلمي من حيث التواجد والمغادرة والضوابط الأخرى.
3- على الاخوة في مديرية تربية كربلاء المقدسة مراعاة عدم زج الملاكات النسوية في مدارس البنين خاصة المتوسطة والاعدادية، واذا تعذر ذلك لسبب او لآخر عليهم التوجيه بضرورة الالتزام باللباس المحتشم وعدم وضع مساحيق التجميل والتزام السلوك الشرعي الصحيح اثناء الدوام الرسمي.
4- توجيه اعمام على جميع الدوائر الحكومية بضرورة أن يكون لباس الموظفين والموظفات بما يناسب تاريخ وهوية المدينة المقدسة.
5- التعميم على جميع أصحاب المولات التجارية والمطاعم السياحية والكازينوهات وكل الاماكن الترفيهية بعدم السماح بدخول أي مواطن أو مواطنة يخل أو تخل بمظاهر الحشمة والآداب العامة والحياء . وأن يبذل القائمون على هذه الأماكن قصارى جهودهم في توضيح ذلك عبر ارشادات مقروءة أو مسموعة أو مرئية لمرتاديها وبأسلوب مهذب يراعي القانون ويحفظ كرامة المرتادين من الزبائن.
6- تفعيل قانون المرور النافذ بشأن السن القانوني المسموح له بقيادة المركبات وخاصة مركبات ( التك تك) .
7- تفعيل دور الشرطة المجتمعية عبر اقامة دورات لهم حول التقويم والارشاد والموعظة الحسنة لتنبيه مخالفي النظام العام للمدينة المقدسة ومحاسبة المتعمدين الذين لهم أجندات مشبوهة .
8- الانتباه الى بعض الأجندات التي تقوم بها بعض منظمات المجتمع المدني وإقامة ندوات مشبوهة حول تمكين المرأة او النوع الاجتماعي (جندر) أو حقوق الانسان والتي يكون ظاهرها شيء وباطنها شيء آخر.
9- مواجهة المخدِرات والمؤثرات العقلية بطرق علمية وقانونية والحد من انتشار هذه الظاهرة .
10- التأكيد على أن قدسية المدينة واحترام هويتها وطابعها الديني لا يختص بأعياد رأس السنة أو أي مناسبة دينية أو وطنية اخرى وإنما هي مقدسة على طول الخط .
11- أكد الحاضرون على أهمية أن تتميز المدينة المقدسة أيضاً عن سائر المدن بالنظافة واحترام القانون وحفظ المال العام وجودة الخدمات لان ذلك كله يدخل في هوية المدينة التي شرفها الامام الحسين "عليه السلام" بدمه الطاهر.
12- أوصى الحاضرون بضرورة مراعاة أعراف وطباع الأغلبية من ابناء مجتمع المدينة المقدسة الذين يصرون على ان تكون كربلاء مزاراً ومناراً للهدى والإيمان والسكينة على النهج القويم الذي اختطه أبو عبّد الله الحسين "عليه السلام" وان لا يفرض نفر قليل من ذوي التوجهات الأخرى رأيهم على الأغلبية الساحقة من أبنائها).
- 13 دعوة الجهات الحكومية وغير الحكومية لأنشاء منصات تواصل اجتماعي تعنى بالمحافظة على الموروث الثقافي للمجتمع العراقي المسلم.