في أجواء علمية وروحية عميقة، أقام مركز كربلاء للدراسات والبحوث في العتبة الحسينية المقدسة، بالتعاون مع مجموعة “مسك كربلاء” للحفاظ على قدسية كربلاء، صباح يوم الأحد الموافق 21 كانون الأول 2025م، ندوة حوارية فكرية حملت عنوان "قداسة كربلاء بين النصّ الروائي والواقع المعاصر… قراءة في حديث الإمام الصادق (عليه السلام)"، وذلك في قاعة سيد الأوصياء (عليه السلام) داخل الحائر الحسيني المطهر وسط حضور رسمي وشعبي غفير.
انطلقت الندوة من نص الحديث الشريف للإمام جعفر الصادق (عليه السلام) "إن الله تبارك وتعالى فضّل الأرضين… وإن أرض كربلاء وماء الفرات أول أرض وأول ماء قدّسه الله…"، ليكون هذا النص محوراً مركزياً في قراءة مكانة كربلاء الدينية، وما يترتب عليها من مسؤوليات أخلاقية، واجتماعية، وسلوكية في الواقع المعاصر.
وافتُتحت وقائع الندوة بكلمة ترحيبية ألقاها مدير مركز كربلاء للدراسات والبحوث، الأستاذ عبد الأمير القريشي، أكد فيها أن قداسة كربلاء ليست توصيفاً تاريخياً أو شعوراً عاطفياً فحسب، بل مشروعاً قيمياً متكاملاً يتطلب وعياً مجتمعياً وتشريعياً وثقافياً يحفظ هوية المدينة ويصون مكانتها بوصفها مدينة سيد الشهداء (عليه السلام).
وشهدت الندوة محاضرتين علميتين قدّمهما كل من المستشار العلمي للمركز، الدكتور "أنور الحيدري" ومدير مجموعة “مسك كربلاء”، الدكتور "حميد الطرفي"، حيث تناولا مفهوم قداسة كربلاء من زاويتين متكاملتين، أولهما نصّية روائية تفسّر دلالات الأحاديث الواردة عن أهل البيت (عليهم السلام)، وثانيهما واقعية معاصرة تبحث في كيفية ترجمة تلك النصوص إلى سلوك حضاري، ونظام اجتماعي، وممارسات يومية تليق بمكانة المدينة.
كما تطرقت النقاشات إلى السبل والآليات العملية لتقنين مشروع “قدسية كربلاء”، بما ينسجم مع بعدها الديني والإنساني والحضاري، مع التأكيد على أهمية إشراك المؤسسات الأكاديمية، والمجتمع المدني، والمبادرات الشبابية، في ترسيخ ثقافة تحترم المكان والإنسان معاً.
واختُتمت الندوة بالتأكيد على أن كربلاء، بما تحمله من رمزية عالمية، تحتاج إلى خطاب واعٍ ومشاريع مدروسة تحافظ على قدسيتها، وتواكب في الوقت نفسه تحديات العصر، لتبقى نموذجاً حياً للقيم التي انبثقت عن ثورة الإمام الحسين (عليه السلام).