كشفت موسوعة كربلاء الحضارية الصادرة عن مركز كربلاء للدراسات والبحوث في العتبة الحسينية المقدسة، عن تفاصيل دقيقة تخص التقسيمات الإدارية لمدينة كربلاء المقدسة خلال العهد العثماني، والتي عكست بوضوح سياسة الهيمنة والتفتيت التي انتهجتها الإدارة العثمانية آنذاك.
ففي عام 1872م ألحقت ناحية المسيّب بقضاء الهندية، بذريعة تسهيل جباية الضرائب، وهي خطوة هدفت عملياً إلى إحكام القبضة المالية على سكان المنطقة. وبعد عام واحد فقط، استحدثت ناحية جديدة باسم "الكفل" لتحل محل "الحسينية"، التي أُلغيت دون مبرر إداري واضح، في محاولة واضحة لإعادة رسم خريطة الولاءات والنفوذ.
كما سعت الإدارة العثمانية إلى توطين القبائل الرحّل بغرض السيطرة عليها وفرض التجنيد والضرائب على أفرادها، حيث أنشأت عام 1873م قضاء "الرزازة" وربطته بلواء كربلاء، وأسندت إدارته إلى شيخ قبيلة عنزة، "عبد المحسن الهذال"، ثم جعلت المنصب وراثياً في أسرته لضمان ولاء العشيرة للاحتلال.
يذكر أن هذه الإجراءات لم تكن سوى سياسات استعمارية ناعمة لبسط السيطرة على المجتمع الكربلائي، وكبح أي بادرة استقلال إداري أو عشائري يمكن أن يهدد نفوذ السلطنة آنذاك.
المصدر: مركز كربلاء للدراسات والبحوث، موسوعة كربلاء الحضارية الشَامِلَةُ، المحور التاريخي، الوثائق العثمانية، 2017، ج1، ص41.