في سجل الذاكرة الكربلائية، تبرز حسينية السيد محسن الحكيم الباكستانية كأحد المعالم الدينية والاجتماعية التي ربطت بين كربلاء المقدسة وقلوب المؤمنين في باكستان، مجسدةً عمق الانتماء والولاء لنهضة الإمام الحسين (عليه السلام).
تأسست الحسينية عام 1969م بوقفٍ شرعي صحيح من المرجع الديني الأعلى آنذاك السيد محسن الحكيم (قدس سره)، لتكون مأوى روحياً وخدمياً لزائري الإمام الحسين من أهالي قريتيّ بنكش وتيرا في باكستان، حيث تولى الإشراف عليها أولاً السيد الحكيم شخصياً، ثم من بعده ولده السيد "محمد رضا"، لتبقى في ذريته توليةً شرعية متسلسلة.
شُيّدت الحسينية على العقار المرقم (462/مخيم) في أحد أزقة باب المخيم المؤدي إلى زقاق كبيس، بمساحة بلغت نحو (168) متراً مربعاً، وكانت تستقبل الزائرين في المناسبات الدينية الكبرى، وخاصة زيارة الأربعين، كما تُقام فيها مجالس العزاء والخدمة الحسينية التي جسدت روح الضيافة والإيثار.
غير أن يد البطش البعثي لم تستثنِ هذه المؤسسة، إذ أقدمت أجهزة النظام القمعي عام 1991م بعد أحداث الانتفاضة الشعبانية، على هدم الحسينية ومصادرة ممتلكاتها، لتغيب بذلك إحدى البقاع التي احتضنت دموع المحبين وزوّار أبي عبد الله الحسين (عليه السلام).
وبعد سقوط النظام البائد عام 2003م، أعادت هيئة حل النزاعات الملكية عام 2007م العقار إلى أصله الوقفي، ليبدأ عهد جديد من الإعمار والتجديد. فقد أعيد تشييد الحسينية عام 2009م، 1430هـ بإشراف المتولي الشرعي السيد جواد محسن الحكيم، وتولى خدمتها الحاج "إرشاد علي"، لتعود كما كانت منبراً للعزاء ومقراً للضيافة والخدمة الحسينية.
بهذا، تبقى حسينية السيد محسن الحكيم شاهداً على التلاحم الروحي بين كربلاء والعالم الإسلامي، ورمزاً لصمود الوقف الديني أمام محاولات الطمس والتغييب.
المصدر: مركز كربلاء للدراسات والبحوث، موسوعة كربلاء الحضارية الشَامِلَةُ، المحور الاجتماعي، 2020، ج3، ص31-35.