تُعدّ منطقة شاطئ الفرات في كربلاء المقدسة واحدة من أبرز المعالم الدينية والتاريخية التي ارتبطت ارتباطاً وثيقاً بواقعة الطف الخالدة وبالملحمة الحسينية التي غيرت وجه التاريخ الإسلامي، فهي ليست مجرد ضفاف لنهر عظيم، بل ساحة مقدسة امتزج فيها ماء الفرات بدماء الطهر والبطولة، حين ارتوى منها الإمام الحسين وأصحابه بدمائهم الزكية عطشاً وصبراً وإيماناً.
وقد وردت إشارات نبوية وإمامية كثيرة إلى هذا الموضع الشريف، حيث حدّد الإمام الصادق (عليه السلام) شاطئ الفرات بمحاذاة الحائر الحسيني، في المكان الذي استشهد فيه قمر بني هاشم أبو الفضل العباس (عليه السلام)، مشيراً إلى وجود بناء قديم عُرف بـ "باب السقيفة"، والذي يُحتمل أنه شُيّد في بدايات العصر العباسي، ومنذ ذلك الحين، صار اسم "شاطئ الفرات" يُطلق خصوصاً على أرض الطف المباركة.
كما أكّد الإمام علي بن موسى الرضا (عليهما السلام) ذات مرة، "إنّ قبر الحسين بشطّ الفرات"، في دلالة واضحة على قِدم التسمية وارتباطها بالقداسة الروحية لمشهد كربلاء، فيما دعا الإمام الصادق (عليه السلام) الزائرين إلى أن يغتسلوا على شاطئ الفرات ثم يأتوا قبر الحسين، في إشارة رمزية إلى الطهارة الجسدية والروحية قبل الدخول إلى الحائر الحسيني.
وقد حمل نهر الفرات في النصوص الشريفة تسميات متعددة مثل شط الفرات، وشاطئ الفرات، وطف الفرات، وجميعها تؤكد مكانته الخاصة في الزيارة والعبادة، إذ نُصحت قوافل الزائرين على مرّ العصور بالاغتسال من مائه قبل أداء مراسيم الزيارة في المشهدين الشريفين الحسيني والعباسي.
المصدر: مركز كربلاء للدراسات والبحوث، موسوعة كربلاء الحضارية الشَامِلَةُ، المحور التاريخي، 2017، ج1، ص40.