في زمنٍ كانت فيه كربلاء تعبق بصوت القرآن في أزقة المساجد القديمة، شكّلت الكتاتيب النواة الأولى للتعليم في المدينة، واحتفظت بمكانةٍ راسخة في ذاكرتها حتى بدايات القرن العشرين.
وتُشير موسوعة كربلاء الحضارية الصادرة عن مركز كربلاء للدراسات والبحوث، إلى أن الكتاتيب، المعروفة بأسماء مثل "مدرسة المحلة" و"دار التعليم" و"المعلمخانة"، كانت تقوم في ساحات الجوامع أو بيوت المعلّمين، بل وحتى داخل غرف الصحنين الحسيني والعباسي الشريفين، حيث كان الطلاب يتلقّون دروسهم على الألواح الخشبية بوسائل بسيطة وأرواح متعطّشة للعلم.
لم تكن الكتاتيب مجرّد أماكن للتعلّم، بل مدارس للقيم والدين واللغة والآداب، خرّجت أجيالاً من العلماء والخطباء الذين أسّسوا الوعي الثقافي في كربلاء، في وقتٍ غابت فيه الرعاية التعليمية الرسمية عن الدولة العثمانية.
ورغم التحديات الاقتصادية والاجتماعية آنذاك، ظلّت الكتاتيب رمزاً لصمود التعليم الأهلي الشعبي، ومنطلقاً لنهضة التعليم الحديث في المدينة، لتبقى شاهداً على أن نور العلم في كربلاء وُلد من بين الجوامع الطينية ليضيء أفق الحضارة.
المصدر: مركز كربلاء للدراسات والبحوث، موسوعة كربلاء الحضارية الشَامِلَةُ، المحور التاريخي، قسم التاريخ الحديث والمعاصر، 2020، ج2، ص15-15.