الصفارون هم أصحاب حرفة صناعة الأدوات النحاسية، التي تُعرف محليًا باسم "الصفر". وتُعد كربلاء من أبرز المدن التي اشتهرت بهذه الصناعة التراثية العريقة، حيث عُرفت منذ مئات السنين كواحدة من الحرف القديمة المتوارثة جيلاً بعد جيل.
تاريخ سوق الصفافير:
 يرجع تاريخ سوق الصفافير في كربلاء إلى ما يقارب (150) عامًا، وكان موقعه في وسط المدينة بين الحرمين الشريفين. وقد بُني السوق على شكل مستطيل يبلغ طوله حوالي (15م) وعرضه (8م)، وهو مغطى بسقف منخفض.
 في داخل السوق، تتعالى أصوات المطارق وهي تضرب على المعادن لتشكّل سمفونية تراثية قديمة، فلا يكاد الزائر يدخل حتى يسمع هذه الأصوات المنبعثة من بين الحوانيت؛ فمنهم من يطرق النحاس ليعطيه الشكل المطلوب، وآخر ينقش عليه، وثالث يزخرف صفائحه بأشكال فنية جميلة.
الأهمية التاريخية:
 شهدت كربلاء خلال السيطرة العثمانية أحداثًا دموية، منها حادثة "المناخور" أو ما عُرفت أيضًا بحادثة "داود باشا" سنة 1241هـ / 1825م. حينها اضطر الأهالي إلى جمع الأواني النحاسية وصبّها لصناعة الأسلحة لمقاومة الجيش العثماني.
مواقع الأسواق:
 كان في كربلاء سوقان رئيسيان للصفارين:
1. سوق عند باب الخان قرب سوق الخضار.
2. سوق عند باب النجف في نهاية زقاق السيدة فضة.
 أما شارع الصفارين فقد نشأت على جانبيه حوانيت منظمة ومتناسقة، يعمل فيها الصفارون بصناعة الصواني، الكَمكَم، الأباريق، اللُكن، المشارب، الطاسات والقدور. كما وُجد في هذا السوق "الربابون" وهم مبيّضو القدور.
المهارة والسمعة:
 امتاز الصفارون في كربلاء بالمهارة العالية والدقة في ابتكار النقوش وتنويع الأحجام، فضلاً عن الجودة والمتانة والصدق والأمانة في تعاملهم، خاصة مع الزائرين والسائحين والوافدين من مختلف المناطق. وكان سوق الصفافير بمثابة معمل ومعرض في آنٍ واحد، حيث تُعرض المنتجات بالجملة والمفرد حسب الطلب.
المشهد اليومي في السوق:
 كان الزائر إلى السوق يشهد حركة دؤوبة وعملًا متواصلًا، تتخلله أصوات المطارق المتناغمة مع لهب الأفران ورنين المعادن، لتُشكّل لوحة موسيقية وصوتية متفردة تعبّر عن أصالة التراث الكربلائي. وفي أيام الصيف الحارة، تدهش الرائي حركة الصفارين القوية وزنودهم المتعرقة التي تضرب بالمطارق بلا كلل، في مشهد يرمز إلى قوة الإرث الحرفي العريق.