بعد أن فشل السيف الأموي في إخماد شعلة كربلاء، وحين لم تُجْدِ فبركات الفضائل ولا حملات التشكيك، اتجه طغاة بني أمية إلى أخطر سلاح في جعبتهم وهو العمل بالضد.
وتذكر المصادر أن بني أمية قد سعوا لتحويل يوم عاشوراء من يوم حزن ومأساة دامية إلى عيد فرح وابتهاج، فما لم يتمكنوا من نفيه، قرروا تزويره، حيث جاءت تعليمات السلطات الأموية بتزوير هوية عاشوراء بالكامل، فأُطلقت روايات مزيفة عن صومه وفضله ومكانته الخاصة، وأُلصقت بالنبي "صلى الله عليه وآله" زوراً، لخداع البسطاء وتضليل الأمة.
ويروي "ابن عباس" كما في بعض الروايات، أن النبي صام عاشوراء وأمر بصيامه، مما يطرح تساؤلاً صادماً عما إذا كان هذا فعلاً ما قاله؟ وهل هذا فعلاً ما شرعه؟
هذا وقد أنكر كبار أئمة الحديث، هذه الروايات، حيث قال "ابن تيمية" رغم مواقفه المتشددة، إن "حديث صوم عاشوراء والتوسعة على الأهل، حديث لا أصل له، وليس له إسناد ثابت، وهذه بدعة أصلها من المتعصبين بالباطل على الحسين"، أما ما قيل عن الاكتحال، والاستحمام، وتوزيع الحلوى، فكلها طقوس أموية دخيلة أرادوا بها إغاظة آل الرسول "صلوات الله عليهم".
وبدورهم أكد الباحثون في التقويمين الهجري واليهودي، أموراً تفضح الكذب الأموي، ومنها أنه في زمن النبي "صلى الله عليه وآله" لم يكن المحرّم هو أول شهور السنة الهجرية، بل ربيع الأول، وإن تقويم اليهود شمسي لا قمري، فلا يتوافق يوم عاشوراء مع يوم "نجاة موسى" دائماً، وإن العيد الحقيقي عند اليهود هو يوم الغفران "الكِبّور" الواقع في شهر تشرين العبري، والذي يُصام من مغيب شمس يوم إلى آخر.
لهذا يظهر جلياً وبما لا يدع مجالاً للشك، أن يوم عاشوراء الإسلامي لا علاقة له بعاشوراء اليهودي، وأن الاحتفال الأموي لم يكن عبادة، بل سياسة نكاية وقتل للذاكرة تم فرضها في زمن ملكهم، وبقيت حتى بعد زواله كوصمة عار خالدة.
المصدر: عبد الأمير عزيز القريشي، أصحاب الإمام الحسين بين الحقيقة والتشكيك – جدلية العدد، مركز كربلاء للدراسات والبحوث، 2022، ص52-56.