بعد أن حلّ علينا في الثامن عشر من شهر ذي الحجة المبارك، ذكرى عيد تنصيب ولي الله، الإمام علي بن أبي طالب "عليه السلام" كخليفة رسول الله وأحق الناس من بعده بمقامه، جاء هذا اليوم الرابع والعشرين من الشهر الفضيل، بمناسبتيّن عزيزتيّن على قلوب الموالين في أصقاع العالم بأسره، ليكون هذا أسبوع، أسبوع الولاية لمحمد وآل محمد "صلوات الله عليهم".
أولى هذه المناسبات هو يوم المباهلة، الذي جاء فيه رسول الإسلام "صلى الله عليه وآله"، بأعزّ من لديه من البشر إلى ساحة المواجهة مع نصارى نجران، فالنّقطة المهمّة في أحداث هذا اليوم، هي "وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ وَأَنفُسَنَا وَأَنفُسَكُمْ"، حيث إختار النبي الأكرم "صلى الله عليه وآله"، أقرب البشر الى قلبه، ليكونوا الى جنبه في الساحة للمحاججة التي أراد لها الله "عز وجلّ" أن تكون مائزاً بين الحق والباطل ومؤشّراً نيّراً أمام أنظار الجميع للحق الخالص الذي يمثله بيت محمد وآل محمد "صلوات الله عليهم أجمعين"، فيبقى من كان متبعاً لهذا الحق، ويحلّ العذابُ الإلهي بمن هو على خلافه.
أما ثانية هذه المناسبات، فهي ذكرى حادثة التصدق بالخاتم، حيث كان أمامنا أمير المؤمنين "عليه السلام" في حضرة الباري "جل وعلا" مؤدياً لصلاته في المسجد، ليدخل عليه أحد المحتاجين طالباً للصدقة، فأجابه الإمام "عليه السلام" بأن أعطاه خاتمه الشريف وهو في خضم ركوعه لمولاه "سبحانه وتعالى".
إن من أشد الدلائل والبراهين الدالّة على عِظَم هاتيّن المناسبتيّن، ومقدار الفخر الواجب على كل موالٍ أن يتزين به، هو أن فالِقِ الْحَبِّ وَالنَّوى وخالِقِ الأَزْواجِ كُلِّها، قد أفرد آيتيّن كريمتيّن في حقهما، فقال "جل وعلا" عن يوم المباهلة، "فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ العِلْمِ فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ وَأَنْفُسَنَا وَأَنْفُسَكُمْ ثُمّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَةَ اللهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ"...آل عمران (61(، فيما أكّد على ولاية امير النحل في ذكرى التصدق بالخاتم، بقوله "إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ"... المائدة (55).