أكّد كتاب "الإمام الحسين في الدراسات الاستشراقية" الصادر عن مركز كربلاء للدراسات والبحوث في العتبة الحسينية المقدسة، إن محور محاولات المستشرقين في تناول السيرة النبوية، كان إسقاط هذا الثقل في واقع المسلمين مضافاً إلى الثقل الأول وهو القرآن الكريم، وبذلك ينهار البناء الإسلامي بكل أبعاده الفكرية والسياسية.
وأشار مؤلف الكتاب سماحة الشيخ "ليث عبد الحسين العتابي"، الى أنه "من أجل ذلك، بدأ المستشرقون بتتبع مفردات التاريخ الإسلامي لإستقصاء موارد الشذوذ ومواطن التزوير في السيرة النبوية التي أحدثها وعاظ السلاطين ومرتزقة الحكام المنحرفين، كخلفاء بني أمية وخلفاء بني العباس، بالإضافة الى تسليط الضوء عليها وإظهارها على أنها السيرة الفعلية للرسول وأهل بيته (صلوات الله عليهم أجمعين)، ليبدأ استثمار ذلك عند تأسيس بحث نقدي لشخصية الرسول (صلى الله عليه وآله) لتحقيق هدفيّن رئيسيين في هذا الإطار".
وتابع "العتابي" بالقول إن "أول هذين الهدفيّن هو إبراز تهافت وتناقض في سيرة النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله) وصولاً لنفي نبوته وعالميته، وتقرير أنه ليس إلا رجل إصلاح قومي إستثمر النصرانية واليهودية وأمثالها وأضاف اليها من عنده لتنسجم مع مجتمعه وظرفه الزماني والمكاني، أما ثانيهما فهو وصم السنَّة النبوية بالإختلاق والوضع، ومن ثم الدعوة إلى عدم حجّيتها كمصدر أساسي من مصادر التشريع في الإسلام، ولم تكن هذه المعطيات جزافاً، بل هي إفراز طبيعي للصراع المحتدم بين الإسلام والصليبية، حيث كان للنتائج التي تمخّضت عنها الحروب الصليبية، طعم العلقم في حلوق الأوربيين لا ينسونه ابداً".
وبيّن كتاب "الإمام الحسين في الدراسات الاستشراقية" في ختام هذا الباب، أن "مجمل الآراء غير الموضوعية التي تبنّاها المستشرقون، كان أساسها إما التحريفات الموجودة في التراث السني، وإما مبتنيات تراث العصور الوسطى الصليبي، أو كتابات المستشرقين الأوائل ذات الطابع الأيديولوجي والتبشيري والاستعماري، مضافاً لها غايات أخرى متعددة بتعدد الأهداف".
المصدر:- الإمام الحسين في الدراسات الاستشراقية، الطبعة الأولى، أحد منشورات مركز كربلاء للدراسات والبحوث، 2018، ص 23-24.