ان الدين فضلاً عن الحقائق الثلاث الكبرى التي ينبئ عنها -من وجود الله سبحانه ورسالته الى الانسان. وبقاء الإنسان بعد هذه الحياة، وهي القضايا الأهم في حياة الإنسان على الإطلاق-يتضمن بطبيعة الحال جملة من التعاليم التي ينصح بها في ضوء تلك الحقائق مع اخذ الشؤون العامة لحياة الانسان بنظر الاعتبار. وحينئذٍ يقع التساؤل عن اتجاه هذه التعاليم، ورؤيتها للجوانب الإنسانية العامة، ومقدار مؤونة مراعاتها او معونتها للإنسان.
وتوضّح سورة (الممتحنة) كلا الأمرين، وهما الحذر مع من يكيد بالمسلمين في داخل المجتمع الإسلاميّ، والإحسان إلى الآخرين ممّن لا يعادي المسلمين ولا يسعى إلى الإيقاع بهم.
قال سبحانه(١): (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِم بِالْمَوَدَّةِ وَقَدْ كَفَرُوا بِمَا جَاءَكُم مِّنَ الْحَقِّ يُخْرِجُونَ الرَّسُولَ وَإِيَّاكُمْ ۙ أَن تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ رَبِّكُمْ إِن كُنتُمْ خَرَجْتُمْ جِهَادًا فِي سَبِيلِي وَابْتِغَاءَ مَرْضَاتِي ۚ تُسِرُّونَ إِلَيْهِم بِالْمَوَدَّةِ .. إِن يَثْقَفُوكُمْ يَكُونُوا لَكُمْ أَعْدَاء وَيَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ وَأَلْسِنَتَهُم بِالسُّوءِ وَوَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ) فترى هذه الآيات النهي عن الاسترسال في المودّة والركون إلى الكفّار الذين يكيدون بالمسلمين من أجل إيمانهم، ولو تمكّنوا منهم تعاملوا معهم معاملة الأعداء، وتعدّوا عليهم وأساؤوا إليهم، وسعوا إلى إعادتهم إلى الكفر، فمن الضروريّ في هذه الظروف عدم الاسترسال في المودّة والوثوق بهم والركون إليهم.
المصدر / محمد باقر السيستاني، اتجاه الدين في مناحي الحياة، ص، 242.