امتازت مراقد واضرحة أهل البيت –عليهم السلام-منذ القدم بوجود قباب نصف مستديرة مقوسة ومجوفة من الداخل فوقها، اذ أصبحت القباب أمراً محتوماً ومعروفاً يحمل من الدلالات الإسلامية القديمة والمقدسة، إذاً لابد من الوقوف أمام هذه الأسباب التي جعلت اغلب المهندسون والبناؤون وذوات الشأن ان يحتموا بناء المراقد المقدسة بهذا الشكل المعماري الفريد الذي يدل على سمو ورفعة وعلوا وشخوص المراقد.
وقبل الخوض بهذا المضمار لابد من إعطاء تعريف للقبة، والقبة لغة: من قب الجلد والتمر إذا يبس وذهب ماؤه، وقب الشيء يعني قوسه، وقب البيت يعني اقام فوقه قبة، وجمع القبة قبب وقباب وهي مستديرة ومقوسة ومجوفة من الداخل وتبنى عادة من الأجر.
المصطلح المعماري: فأن القبة هي بناء محدب اشبه بكره مشطوره من وسطها او بناء دائري مقعر من الداخل مقبب من الخارج يتألف من دوران القوس وتقام مباشرة فوق سطح مربع.
تاريخ القبة فهي ضرب من ضرب التسقيف، اذ عرف الانسان منذ القدم ببنائها حيث عثر في شمال العراق على نظام ابنية دائرية ذات سقوف مقببة تعود الى دور حلف تسمى (الثولو) وفي العصر الإسلامي فقد بقي استعمال القباب في البناء حيث وجدث قبة دار الامارة في الكوفة وقباب تسقيف المباني في مدينة كربلاء المقدسة في كنيسة القصير وقبة الصخرة في فلسطين.
اما في عمارة المراقد المقدسة لا سيما في مرقد الأمام الحسين وأخيه ابي الفضل العباس –عليهما السلام-فقد أشار الامام جعفر بن محمد الصادق –عليه السلام-خلال زيارة جده الحسين –عليه السلام-عندما كان على قبره الشريف اذ قال: "فإذا اتيت الباب فقف خارج القبة وارم بطرفك نحو القبر وقل ..." مما يدل على ان مقامات واضرحة اهل البيت –عليهما السلام-كانت منذ القدم مشيد عليها قباب تعلوا اضرحتهم الطاهرة.
وجدير ذكره، ان اهم الأسباب التي دفعت بناء القباب فوق أسطح الاضرحة والمقامات ودور العبادة والجوامع وغيرها هي متانتها كونها من أفضل السقوف التي تعطي فضاءات واسعة فضلاً عن وظيفتها المتمثلة بإنارة وتهوية الأجزاء الداخلية من المبنى وذلك من خلال ما يوفره شكلها من إمكانيات فتح النوافذ، كما انها تضفي على المباني الدينية نوعاً من العظمة والقدسية.
المصدر: كتاب الأبنية الحضارية في كربلاء حتى نهاية 656هـ، مركز كربلاء للدراسات والبحوث، زين العابدين موسى آل جعفر، وهدى علي الفتلاوي، ص262-267.