هو القاسم بن الامام الحسن بن علي بن ابي طالب(عليهم السلام)، وامه اسمها رملة.
نشأ القاسم (عليه السلام) نشأةً مباركة إذ رباه أبوه الإمام الحسن (عليه السلام) ثلاثة أعوام فأبرزت فيه ملامح الفطنة والذكاء والشجاعة، وقد رأى أباه يرد الأمانة إلى ربه وهو في الثالثة من عمره، فتولاه عمّهُ الإمام الحسين (عليه السلام) وأحسن تربيته حتى أصبح ذلك الفتى المغوار الذي لا يهاب الموت حتى قال لهُ عمهِ العباس (عليه السلام) أنه أحلى عنده من العسل.
وبعدَ استشهاد أصحاب الإمام الحسين (عليه السلام) واحداً تلوه الآخر، تقدم الفتى المغوار واستأذن عمّه في القتال ولم يأذن لهُ (عليه السلام) وأرجعهُ، ولما استشهد علي الأكبر بن الحسين (عليهما السلام) وأبناء جعفر الطيار وأبناء مسلم بن عقيل تقدم القاسم مره آخرى إلى عمه بنفس يملؤها الحب للشهادة فاستأذنه بالقتال فأذن له فأخذ يحارب بضراوة المحارب الشجاع ويضرب فيهم وهو ابن الثالثة عشرة ربيعاً وهوَ يقول :(إن تنكروني فأنا نجل الحسـن سبط النبي المصطفى والمؤتمـن هذا حسين كالأسيـر المرتهـن بين أناس لا سقوا صوب المزن).
وبعد أن قتل منهم عدداً كبيراً انقطع شسع نعله اليسرى فهوى ليعدلها استخفافاً بالطغاة فحمل عليه اللعين (عمر بن سعد بن النفيل) وضربه بالسيف على رأسه الشريف ففلقها ولم يراعَ صغر سنه فسقط الشهيد وصرخ: يا عمّاه... فما لبث عمّه الإمام الحسين (عليه السلام) إلا وثار ثورة الضرغام إن غضب وضرب عمراً بالسيف فتلقاها بساعده فقطعها من المرفق ثم تنحى عنه وحملت عليه خيل عمر بن سعد (لعنه الله) فاستنفذوه من بين يدي الإمام الحسين (عليه السلام) ولما حملت الخيل وجالت بهِ مات اللعين تحت الأقدام، وإذا بالإمام الحسين (عليه السلام) على رأس القاسم وعيناه تذرفان بالدموع وهو يفحص بقدميه، فحمل القاسم (عليه السلام) حتى ان رجلية كانتا تخطان في الأرض، فوضعه قرب علي الأكبر (عليه السلام) وبقية الشهداء، فها هو ابن الثالثة عشر ربيعاً يغدو شهيداً بين يدي عمّه الإمام الحسين (عليه السلام) ليوارى الثرى.
فطوبى لك يا ابن الإمام المجتبى وسلامٌ عليك ورحمة الله وبركاته، اللهم آجرنا في مصابه واحشرنا معهُ ومع ابيه وعمة وجميع المستشهدين في واقعة الطف الأليمة أنك على كل شيءٍ قدير.