وصف المستشرق "هرزفلد" (الحائر او الحير) بانه الارض المسورة، وهذا المعنى يتناغم مع وصف اللغويين العرب للحير بأنه (البستان او الحمى او الحظيرة).
قال ابن منظور: الحير بالفتح: شبه الحظيرة او الحمى ومنه الحير بكربلاء وجمع الفيروزآبادي بين الحائر والحير وكربلاء فقال "والحائر مجتمع الماء، وحوض يسيب اليه مسيل ماء الأمطار، والمكان المطمئن والبستان، كالحير (ج الجمع) حوران وحيران، والودك، وكربلاء، كالحيراء، و(ع موضع) بها" يقصد ان الحائر الذي هو قبر الحسين (عليه السلام) موضع كربلاء.
وقال في الحير: "شبه الحظيرة والحمى، وقصر كان بسر من رأى. واصبحت الأرض حيرة، اي مخضرة مبقلة".
ويعتقد بعض الباحثين أن تسمية (الحائر او الحير) مرتبطة بنشأتها بنوع خاص من البناء على شكل الحصن أو القلعة يحيط بها السور من كل جانب، كما تبين مما قام به نبوخذنصر من بناء حير حصين لتجار العرب.
ويرى هؤلاء الباحثون أن هذا النوع من الأبنية يثبت الصلة بين اسماء الحير والحائر والحيرة، وانه انتشر في القسم الجنوبي من العراق على حافة البادية، فسميت الحيرة في ذلك لوجود الحير فيها، وسمي قبر الحسين (عليه السلام) وما يحيط به (بالحائر)، لا لصفة طبيعية بالأرض، ولا لأن الماء يتحير او يتردد فيه، وانما لما اشتمل حول القبر من بناء وسور کالحائر.
ومن هذا المنطلق يشبه المقدسي مدينة صور بالحير اذ يقول: "وصور مدينة حصينة على البحر.... قد احاط البحر بها ونصفها الداخل حيطان ثلاثة بلا ارض تدخل فيه المراكب.... وبين عكا وصور شبه خليج وذلك يقال عكا حذاء صور الا أنك تدور يعني حول الماء".
والرأي عندي أن هذا التفسير الاستشراقي لا يصمد أمام الروايات الموثوقة التي نقلها لنا المحدثون والفقهاء الإمامية، ولعل ما اشارت اليه تلك الروايات من كرامات ومعجزات منحها الله سبحانه وتعالى للإمام الحسين (عليه السلام) هي السر الذي نأى عنه هؤلاء المستشرقون ومن وافقهم بالرأي او تخرج في معاهدهم العلمية.
قال الشيخ الطوسي وهو ينقل رواية أحد المعاصرين لفعلة المتوكل بقبر الحسين (عليه السلام).
"أخبرنا ابن خنیس، قال: حدثني ابو الفضل قال: حدثني عبد الرزاق بن سليمان بن غالب الازري .... قال: حدثني عبد الله بن دانية الطوري قال: حججت سنة سبع واربعين ومائتين فلا صدرت من الحج صرت إلى العراق، فزرت امير المؤمنين علي بن ابي طالب (عليه السلام)، على حال خيفة من السلطان... ثم توجهت الى زيارة الحسين (عليه السلام) فإذا هو قد حرث أرضه ومجر فيها الماء، وارسلت الثيران والعوامل في الارض فبعيني وبصري كنت ارى الثيران تساق في الأرض فتنساق لهم حتى اذا حازت مكان القبر حادت عنه يميناً وشمالاً، فتضرب بالعصي الضرب الشديد، فلا ينفع ذلك فيها ولا تطأ القبر بوجه ولا سبب فما امكنني الزيارة فتوجهت الى بغداد وانا أقول ذلك".
تالله ان كانت امية قد أتت......... قتل ابن بنت نبيها مظلوماً
فلقد اتاك بنو ابيه بمثلها............. هذا لعمرك قبره مهدوماً
اسفوا على ان لا يكونوا اشاركوا .......في قتله فتتبعوه رميماً.
المصدر/ موسوعة كربلاء الحضارية، المحور التاريخي، قسم التاريخ الإسلامي، ج2، ص 70-75