مما لا شك فيه إن الله عز وجل قد إصطفى أرض كربلاء المقدسة منذ بدء الخلق دون غيرها من البلاد لتكون الجنة التي تحتضن الجسد الطاهر لسبط خاتم الأنبياء والمرسلين "ص" وقبلة الأحرار التي تهفو اليها قلوب المحبّين والموالين من مشارق الأرض ومغاربها.
ومن فيض ما سميّت به هذه البقعة المقدسة عبر التاريخ الإسلامي، هو أسم "الغاضريات" والمقصود بها الأنهر الصغيرة المتفرعة من نهر الفرات لتروي البساتين والأراضي الزراعية في تلك الفترة، فيما سميت في فترات أخرى بـ "كربلة" التي فسّرها إبن منظور في "لسان العرب" بأنها "رخاوة القدمين نتيجة المسير في الأرض الطينية"، ومثالها ما يقال في الوصف: "يمشي مكربلاً" أي كأنه يمشي في الطين.
وجاء في كتاب "بغية النبلاء" ما مفاده بإحتمالية تخفيف العرب للفظة "كور بابل" التي كانت تطلق على هذه المنطقة قديماً الى لفظة "كربلاء" التي أصبحت الاسم الأشهر لهذه المدينة في فترة ما بعد الإسلام، والتي وصفها في وقت لاحق الشاعر الشهير "كثير عزة" بالقول في إحدى قصائده:
فسبط سبط إيمان وبر وسبط غيبته كربلاء (1).
____________
المصدر:
(1) الدرة البهية في فضل كربلاء وتربتها الزكية: لمؤلفه حسين البراقي النجفي، سلسلة إصدارات مركز كربلاء للدراسات والبحوث، ص9.