05:00 PM | 2016-10-14
8430
كثير منا لا يعلم تاريخ عزاء طويريج هل يعود تاريخه بعد واقعة الطف مباشرة أم ماذا؟ وهل تعرّض ذلك العزاء إلى المنع من قبل السلطات الحاكمة؟ ولماذا؟
لذلك ارتأينا معرفة الجذور التاريخية لهذه التظاهرة المليونية، وكيف خُلدت على مر السنين، على الرغم من منع السلطات الحاكمة لها، لما تمثله من تهديد حقيقي لبقائها، لأن الإمام الحسين قدوة لكل العاملين على إقامة حكم الحق والعدل والحرية، فضلاً عن تمسك الحسينيين بالعهد والولاء لإمامهم.
ومن أهم طرق بقاء الثورة الحسينية هي إقامة الشعائر كما وردت عن الأئمة (عليهم السلام) بشكل يتناسب مع ظروف العصر الذي تقام فيه، وبشكل لا يؤدي إلى هتك حرمة مذهب أهل البيت(عليهم السلام) او تشويه مبادئ الثورة الحسينية.
يبقى عزاء طويريج موكباً عفوياً ومؤثر جداً، حيث تشارك فيه مختلف طبقات المجتمع على تنوع مشاربهم الاجتماعية والعلمية والثقافية والاقتصادية والسياسية، فيشارك فيه رجل الدين والعامل والاستاذ والطبيب والمعلم والسياسي والفقير والغني، مما يؤشر على عمق ولائهم من دون تصنع. كما شهدت كربلاء في الأعوام الأخيرة مشاركة واسعة من قبل مسلمي أسيا وأفريقيا وأوربا وأمريكا، كما شاركهم بعضا من غير المسلمين كالمسيح مثلاً، ليتذكروا في الإمام الحسين قيم البطولة والتضحية.
لذلك يمكن القول أن الثورة الحسينية فريدة في أبجدياتها ومؤثرة في انعكاساتها، وأنها أحدثت انقلاباً فكرياً ثورياً نضالياً مدوياً على مر العصور، ولم يقتصر تأثيرها على المسلمين من رجال الفكر والثقافة والأدب والسياسة، بل تعداه إلى ذوي الديانات الأخرى كالمسيحية واليهودية والبوذية، وهذا يدل على عظمة الثورة التي قُدر لها الخلود.
الأول الامتداد التاريخي لعزاء طويريج، من حيث أصل التسمية، والتأسيس، وتتبع مسير العزاء من خروجه من قنطرة السلام حتى نهايته
جاءت تسمية هذا الموكب باسم عزاء طويريج نسبة إلى المدينة التي ينطلق منها، وهي قضاء الهندية، أحد أقضية محافظة كربلاء المقدسة ويبعد عنها عشرين كم تقريباً
روي أن السيد العظيم سيد الطائفة ومفخرة المسلمين السيد مهدي بحر العلوم( رحمه الله ) 1 يشترك فيه ويسير معه منذ البداية، تشجيعا منه للجمهور لتعظيم الشعائر الحسينية المقدسة بأي شكل. وأي شكل أفضل من أن يفقد الإنسان كل مظاهره الشخصية ويخرج حافي القدمين مكشوف الرأس، يلطم على صدره ووجهه، وينادي يا حسين يا حسين؟! إنه أفضل طريق لإبراز الولاء والمحبة، لا يشوبه رياء أو عجب، حتى ان البعض سأل السيد عن سبب اشتراكه معهم، فقال: إني رأيت الإمام الحجة المهدي (عج) مع هذا العزاء.
ومثل ذلك ما قد حدث لبعض الثقاة الأحياء من أهالي كربلاء المقدسة عن المرحوم الخطيب الحاج الشيخ هاشم (رحمه الله) أنه كان يشترك في هذا العزاء، ويقول إن المرحوم العالم الكبير الحاج زين العابدين المازندراني (رحمه الله) كان يشترك مع هذا العزاء، فسأل عن السبب، فأجاب بمثل جواب السيد بحر العلوم، إنه رأى الإمام المهدي(عج) يشترك معهم 2 .
لذلك، تطور هذا العزاء الحسيني على شكل هرولة سريعة الجري، وأخذ ينظمّ لهذا الموكب الحسيني (عزاء طويريج) الآلاف من الناس حتى أصبح عدد المشتركين بهذا العزاء يناهز (المائة) ألف منهم أو (المائة والخمسين). وآخر قال: إن هذا العزاء الشهير انطلق على ما هو عليه الآن في حدود عام 1300هـ، ومؤسسه
العلامة السيد مرزة صالح بن السيد مهدي الكبير القزويني المتوفى عام 1304هـ 3
1_ عباس عبيد حمادي وفلاح محمود خضر، مدينة الهندية (طويريج) دراسة في تطورها العمراني والاجتماعي 1871-1985، بابل، مجلة كلية التربية الأساسية، العدد الخامس، تموز 2011، ص2.
2 _ السيد محمد مهدي بن السيد مرتضى بن محمد بحر العلوم الطباطبائي. ينتهي نسبه إلى الحسن المثنى ابن الإمام الحسن المجتبى بن الإمام علي (عليهم السلام). ولد في كربلاء في الأول من شوال سنة 1155هـ. ومن أساتذته الوحيد البهبهاني (قدس سره) والشيخ يوسف البحراني وغيرهم من أساطين العلماء، ومن تلامذته الشيخ حسين نجف، والشيخ أحمد النراقي والشيخ جعفر كاشف الغطاء. اشتهر بأنه صاحب الكرامات الباهرة، فكان هذا لقبه المعروف أيام حياته. توفي قدس سره في النجف الأشرف في رجب 1212، ودفن في مسجد الطوسي. للمزيد ينظر: محسن الأمين، أعيان الشيعة، حققه وأخرجه وعلق عليه: حسن الأمين، ج8، بيروت، دار التعارف للمطبوعات، 1983، ص164؛ جواد شبر، المصدر السابق، ص151.
3 _ صالح القزويني، مقتل أمير المؤمنين، تحقيق: جودت القزويني، بيروت، 2006 ص15.