الشريف الرضي هو مفخرة من مفاخر العترة الطاهرة، وإمام من أئمة العلم والحديث والأدب، وبطل من أبطال الدين والعلم والمذهب، هو أول في كل ما ورثه سلفه الطاهر من علم متدفق، ونفسيات زاكية، وأنظار ثاقبة.
كان السيّد الشريف الرضي (قدس) عابدا ً، تقيا ً، فقيهاً متبحّراً، ومتكلّماً حاذقاً، ومفسِّراً لكتاب الله، وحديث رسوله (ص) واهل بيته الكرام، وأديباً بارعاً. تسلم بعد وفاة ابيه (قدس) نقابة الطالبيين عام 403هـ وإمارة الحج بعدما تخلى عنها إليه أخوه الشريف المرتضى لانشغاله بطلب العلم والتدريس، وخلع عليه السواد وهو أول طالبي خلع عليه السواد.
ولد الشريف الرضى (قدس) في رجب سنة 359 هـ في مدينة بغداد، وقد عاصر من الخلفاء العباسيين ثلاثة هم: المطيع، والطائع، والقادر، ونشأ (قدس) في أسرة عرفت بالعلم والشرف والمكانة العظيمة عند الملوك والسلاطين، حيث كان أبوه (قدس) نقيبا ً للطالبيين، وسفيرا ً بين البويهيين والحمدانيين، لقبه بهاء الدولة البويهي بـ (الطاهر الاوحد ذي المناقب ) لجمعه المناقب والخصال الرفيعة، وقد بدأ (قدس) حياته العلمية منذ الطفولة حيث درس هو وأخوه الشريف المرتضى عند أبن نباتة صاحب الخطب، ثم درس الفقه والاصول والتفسير وعلم الكلام عند الشيخ المفيد محمد بن النعمان العكبري البغدادي من كبار علماء الشيعة آنذاك والذي كان هو وابو عبد الله المرزباني من أشهر اساتذته (قدس).
وقد روي في دراسته عند الشيخ المفيد (قدس): أن الشيخ (قدس) قد رأى في منامه أن فاطمة الزهراء (قدس) قد دخلت عليه داره وبيديها الحسن والحسين (عليهم السلام)، وقد طلبت منه أن يدرسهما الفقه، فلما أستيقظ في الصباح حضرت لمجلسه أم الشريفين السيدة فاطمة ومعها ولديها طالبة منه أن يتولى تدريسهما، فتعلّم في صغره العلوم العربية والبلاغة والأدب، والفقه والكلام، والتفسير والحديث، على يد مشاهير علماء بغداد، وقد نظم (قدس) الشعر وعمره ( 10 سنوات) ويمتاز شعره بصفة البلاغة والبداوة والبراعة وعذوبة الألفاظ، حتى قال بعض العلماء فيه : (( لولا الرضي لكان المرتضى أشعر الناس ، ولولا المرتضى لكان الرضي أعلم الناس)) .
توفي يوم الأحد السادس من المحرم سنة (406 هـ) وشهد جنازته الناس كافة، ودفنَ في داره، ثمَ نقل الى مشهد الحسين (عليه السلام) بكربلاء فدفنَ عند أبيه.
المصدر: ابن الاثير، الكامل في التاريخ، ج9 ص242، ص261-262.
المجدي في أنساب الطالبين، العمري، ص342.
عمدة الطالب، ابن عنبة، ص272.