أنجبت كربلاء العديد من الشخصيات العلمية والأدبية البارزة، ومن أبرزهم ضياء الدين أبو الحب، لقد ترك أبو الحب إرثاً علمياً وأدبياً متميزاً، حيث برع في مجالي علم النفس والأدب، وكان له تأثير عميق في مجال البحث العلمي على الصعيدين المحلي والدولي، جمع بين التميز الأكاديمي والإبداع الأدبي، ليصبح أحد أبرز المفكرين الذين أسهموا في إثراء المعرفة الثقافية والعلمية في العراق والعالم العربي.
ولد أبو الحب في تشرين الثاني 1913، وسط بيئة تربوية مثالية أسسها والداه، حيث كان للثقافة الدينية والأخلاقية حضورها الطاغي، بعد وفاة والده، انتقل إلى كنف جده الشيخ الخطيب محمد حسن أبو الحب، الذي كان له دور كبير في بناء شخصيته العلمية والثقافية، تلقى ضياء الدين تعليمه الأول في المدرسة الفيصلية بكربلاء بعد تشكيل الحكومة الوطنية عام 1921، وبرز كطالب متميز بحصوله على المرتبة الأولى على مستوى المدينة في المرحلة الابتدائية، ثم العراق في المرحلة المتوسطة.
أكمل دراسته في دار المعلمين ببغداد وتخرج عام 1937، ثم واصل تعليمه في دار المعلمين العالية، ليتخرج عام 1942 متخصصاً في التربية وعلم النفس، بدأ حياته العملية كمدرس في هذه المواد بدار المعلمين، قبل أن ينتقل للعمل كمفتش في وزارة المعارف حتى عام 1950، وفي هذا العام، حصل على فرصة الانضمام إلى بعثة علمية مكنته من دراسة الماجستير في الإرشاد النفسي بجامعة كولومبيا في الولايات المتحدة، ثم واصل مسيرته الأكاديمية بحصوله على الدكتوراه في فلسفة الصحة النفسية من جامعة عين شمس بالقاهرة عام 1967.
شغل أبو الحب بعدها مناصب أكاديمية بارزة، منها التدريس في كلية التربية بجامعة بغداد، والعمل أستاذاً مشاركاً في كلية الآداب، خلال مسيرته العلمية، أثرى المكتبة العربية بعدد كبير من المؤلفات التي تناولت علم النفس والتربية، منها "علم النفس التربوي"، "الطفولة السعيدة وبعض منغصاتها"، و"اختبار القدرة العقلية"، كما عُرف بقدرته على تبسيط المفاهيم العلمية من خلال مؤلفات مثل "الطفل هذا الكائن العجيب" و"فصول ملخصة في أسس تربية الطفل".
لم يقتصر إسهامه على الجانب الأكاديمي، بل امتد إلى الأدب، حيث كان شاعراً مبدعاً صدرت له العديد من القصائد التي جمعت في ديوان خاص، إلى جانب مؤلفاته، نشر بحوثاً ومقالات علمية وأدبية في كبرى الصحف والمجلات العراقية والعربية، وأسهم في إثراء الإذاعة العراقية بأحاديث ثقافية وعلمية حيث كانت له احاديث اسبوعية في إذاعة الجمهورية العراقية ببغداد.
توفي ضياء الدين أبو الحب عام 1981، تاركاً وراءه إرثاً علمياً وأدبياً مستداماً، ما جعله واحداً من الشخصيات البارزة في مجالي علم النفس والأدب في العراق والعالم العربي، لقد كانت مساهماته في تأسيس أسس علم النفس التربوي والإرشاد النفسي محورية، بينما أضافت أعماله الأدبية طابعاً مميزاً للثقافة العراقية، ستظل مؤلفاته وبحوثه مرجعاً مهماً في الدراسات النفسية والأدبية، ويظل اسمه رمزاً للعطاء الفكري الذي أثرى المجتمع الأكاديمي والثقافي.
راجع
صادق آل طعمة،الحركة الأدبية المعاصرة في كربلاء ، من إصدارات مركز كربلاء للدراسات والبحوث، 2014،ط1، ج1،ص147