لم يكن يوم الـ 20 من جمادى الآخرة في السنة الخامسة للبعثة النبوية تاريخاً لولادة ريحانة رسول الله وروحه التي بين جنبيه والشجرة الطاهرة التي أزهرت سلالته من الأئمة المعصومين فحسب، وإنما كانت بشخصها آية من آيات الله ومعجزاته الربانية.
هذه الحورية الأنسية قد روي عن كراماتها ما يفوق الوصف حتى قبل مولدها الشريف، ومنها أن نساء قريش هجرن السيد خديجة "رضوان الله عليها"، فلما حملت بفاطمة كانت تحدثها من بطنها وتصبّرها، وفي إطار بيان هذه الكرامات، ومن أجل توعية العالمين بعظمة سيدة نساءهم فاطمة الزهراء "عليها السلام"، فقد أنعم الله عليها بصفات خاصة لم يعطها لغيرها من الأولين والآخرين.
تذكر المصادر المروية عن أئمة أهل البيت "عليهم السلام" عن فضل الزهراء "عليها السلام"، أنها "زارتها الملائكة برسائل خاصة وسلام من الباري "عز وجل"، حيث ذُكِر أنها كانت قادرة على تدوين الأحاديث بين الله وملائكته كما ورد في حديث الكساء، فيما كانت المرأة الوحيدة في التاريخ التي طهّرها الله بذاته "حسبما جاء في آية التطهير" لتنال بذلك درجة "العصمة" أي عدم إمكانية إرتكاب المعاصي والأخطاء، ولتنتقل بعدها هذه الدرجة الى ذريتها الطاهرة من الإماميّن الحسن والحسين والتسعة المعصومين من ذرية الحسين "سلام الله عليهم أجمعين".
ولم تكن آية "التطهير" هي المدح الوحيد الذي نالته سيدة نساء العالمين على لسان خالقها في القرآن الكريم، فكانت آية "المودّة" التي أمر من خلالها الباري "عز وجل" بطاعة ومحبة فاطمة وأبيها وبعلها وبنيها "سلام الله عليهم أجمعين".
ولقد أعطى الله صفتيّن جسديتيّن الى أم أبيها، لم تحصل عليهما أي امرأة أخرى في هذا العالم، إحداهما هي "البتول" التي أعطيت فقط لمريم، والدة النبي عيسى "عليهما السلام" والتي تعني طهارتها التامة مما تصاب به باقي نساء البشر من حيض، وثانيهما "الزهراء" بمعنى "المليئة بالنعمة والجمال"، ولأنها كانت إذا قامت في محرابها زهر نورها لأهل السماء، كما يزهر نور الكواكب لأهل الأرض.
وتضيف المصادر الواردة عن جميع مذاهب المسلمين أن الله أكرم السيدة فاطمة بُعيد زواجها من أمير المؤمنين "عليهما السلام" بمنزلة "الشفاعة" لإنقاذ مواليها من أهوال جهنم يوم الحساب، حيث يروي العالم السني الشهير "إبن حجر" في كتابه "الصواعق المحرقة"، أنه قال رسول الله صلى الله عليه وآله": "إِذا كَانَ يَوْم الْقِيَامَة نَادَى مُنَاد من بطْنَان الْعَرْش يَا أهل الْجمع نكسوا رؤوسكم وغضّوا أبصاركم حَتَّى تمر فَاطِمَة بنت مُحَمَّد على الصِّرَاط فتمر مَعَ سبعين ألف جَارِيَة من الْحور الْعين كمرِّ الْبَرْق".
المصادر: