تقع كربلاء في وسط العراق على الحافة الشرقية للهضبة الصحراوية الغربية، ملتقى البادية بالسهل الرسوبي، بين خط طول (10,43 – 20,44) وخط عرض (32-330درجة)، وتقع المدينة على بعد (105کم) إلى الجنوب الغربي من العاصمة بغداد، على حافة الصحراء في غربي الفرات وعلى الجهة اليسرى لجدول الحسينية.
تعد كربلاء في موقعها المتميز على حافة الهضبة الصحراوية، ضمن منطقة السهل الرسوبي بوابة للتجارة الخارجية نحو الجزيرة العربية ورحلاتها الموسمية الصيفية والشتائية وطريقا للحج البري، ومركزاً تجارياً للبدو والحضر واهل الريف، وملتقى الطرق المواصلات، والمركز مدينة كربلاء الديني أثر كبير في حياتها بشكل عام والجانب الاقتصادي بشكل خاص، وذلك لوجود مرقدي الإمام الحسين وأخيه العباس وبقية الشهداء (عليهم السلام)
وتشير المصادر إلى زيادة في عمران المدينة في القرن السابع والثامن من الهجرة لاسيما أيام حكم الاسرة الجلائرية (1336- 1432م)، فكانت كربلاء مدينة صغيرة المساحة تقدر ب (2400 خطوة او متر مربع)، تحيط بها النخيل ويسقيها ماء الفرات ومتفرع منه إلى الروضة المقدسة، وفي داخل الروضة مدرسية عظيمة ومحدد فيها ايضا جزء معين للطعام للمسافر ولزائر الروضة الحسينية المقدسة وعلى باب الروضة الحجاب لا يدخل أحد الا بإذنهم وعلى الضريح المقدس قناديل من الذهب والفضة وعلى الابواب ستائر من الحرير.
استقرت الحياة الحضرية في مدينة كربلاء، وتعاظمت أهمية أنشطتها الاقتصادية والاجتماعية، حتى زاد من حدة التباين والاختلاف بين الإنتاج البسيط الريفي المرتكز على الزراعة وبين إنتاج المدينة القائم على الصناعة والتجارة، وكلما ازداد هذا التباين ظهرت الحاجة إلى أسواق تباع فيها منتجات الريف على حد سواء، وتتوفر فيها ما تحتاجه القبائل الرعوية والمزارعة، وما يحتاجه التجار والصناع في المدينة ذاتها، لقد ساعدت هذه الحاجة الاقتصادية الناشئة على تشیید مخازن الحبوب والأصواف والمقاهي والمنشآت الدينية كالمساجد.
أدى ذلك إلى ظهور بعض المدن داخل المناطق الزراعية أو الصحراوية وعلى حدود كربلاء والبادية الغربية، ساعد موقع مدينة كربلاء على حدود البادية الغربية للعراق على استقرار القبائل العربية بشكل تدريجي في داخل المدينة، وبذلك أزدهرت الأسواق وازدهرت الحركة التجارية فيها، لهذا تطورت اقضية ونواحي مدينة كربلاء، منها ناحية الحر ومدينة عين التمر وواحة شثاثة في الصحراء الغربية وعند عيون المياه الدائمة وازداد النشاط فيها وأصبحت مدينة عين التمر من المدن المهمة في العراق.
المصدر/ موسوعة كربلاء الحضارية، المحور الاجتماعي، ج 1، ص44-47.