تُعد مدينة عين التمر من أقدم مدن كربلاء المقدسة، ويعود تاريخُها إلى 3000 سنة قبل الميلاد، ضمن حقبة انتشار الحضارة الأكدية في وادي الرافدين، واسمُها مشتق من اللغة الآرامية، من جذر كلمة (شثاثا) بمعنى الصافية. واستمرت المدينة كمستقرة حضرية إلى العصر الحالي مروراً بكافة العصور والحضارات. وتعود ميزة الاستمرارية تلك إلى موقعها المتطرف إذ وفَّرَ لها الحماية، وحاجة كل الممالك والحضارات التي تسيطر على المنطقة؛ لأهمية موقعها بالنسبة لخطوط حركة القوافل والجيوش.
ولعلَّ أبرز ما أُشير إليها كونها جزءاً من مملكة الحيرة قبل الإسلام، ويوجد بها أطلال أحد قصور أمراء تلك الحقبة، وهو شمعون بن جابر اللخمي، والذي يُعرف الموقع اليوم بقصر شمعون نسبة إليه، وهو من ناصر النعمان الرابع سنة593 ميلادية.
إنَّ المدينة القديمة اندثرت، ولكن استمرت على أطلالِها مستقرات حضرية متتابعة؛ كون موقع المدينة عبارة عن واحات وسط الصحراء، وقد وصفها ياقوت الحموي في معجم البلدان بأنها (جنّةُ نخيلٍ وسط الصحراء)، وتكثر بها العيون المعدنية والبساتين، وسكن المدينة عدة عشائر وقبائل باقية لليوم، وهي عشائر آل حسان، والحساويّون، والأنباريون، وآل زين الدين، وآل شبّر، وبنو أسد.
أُطلق عليها اسم (عين تمر) عام 1938 نسبة إلى وجود حامية عين تمر العسكرية المندرسة بسبب ظروف الزمن وقساوة الطبيعة، فقد كانت موقعاً حصيناً ضمن الحضارة الساسانية، واستمرت أهميتها الدفاعية طيلة الحضارة الإسلامية.
المصدر: مركز كربلاء للدراسات والبحوث، محافظة كربلاء دراسة في متغيراتها الجغرافية والتخطيطية، ص175