بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
لا مندوحة من القول أن الربع الأخير من القرن التاسع عشر قد شهد نهضة علمية رائدة في حقل النشر والترجمة في أوربا ومن بين أهم هذه العناصر والسمات الفكرية والحضارية انبثاق مشروع دوائرالمعارف والموسوعات الحضارية والمعرفية التي أفلحت في توفير المواضيع العلمية والمعرفية الشاملة لعموم القراء . فظهرت مجموعة من هذه الموسوعات نظير موسوعة دائرة المعارف الإسلامية ودائرة المعارف البريطانية ودائرة المعارف الأمريكية ودائرة المعارف العبرية ودائرة المعارف الهندية ودائرة المعارف الإيرانية ودائرة معارف الأعلام ودائرة المعارف الفلسفية ودائرة المعارف العلمية وغيرها كثر . وكانت مناهج هذه الموسوعات البحثية تستند على تنسيق معلوماتها الشاملة التاريخية والعلمية والإنسانية والفلسفية على حسب الحروف الأبجدية العربية والأجنبية ؛ ومنهجها قائم على تقديم مقالة قصيرة لأي موضوع من المواضيع الحضارية مع قائمة هادفة من المصادر والمراجع المهمة عن كل اسم علم أو مدينة أو على مادة علمية وسياسية ودينية ....الخ. ومنذ مطلع القرن العشرين تطورت هذه الموسوعات الى ظهور الموسوعات بمختلف المواضيع العلمية نظير موسوعة تاريخ كمبردج للإسلام وموسوعة تاريخ كمبردج لإيران وموسوعة التشيع والموسوعة الطبية والموسوعة الفلسفية ....وهكذا . ثم تطورت المباني العلمية في تصنيف الموسوعات الى الحقول المحلية ، وهاهنا انطلقت مجموعة من هذه الموسوعات المحلية العلمية المعتبرة من الجامعات والمؤسسات العلمية في المدن والمحافظات فكانت لمركز كربلاء في العتبة الحسينية المقدسة في كربلاء دورا بارزا ومحوريا في هذا التطور الفكري والحضاري . وواقعا فإن ما هو ماثل أمامي الآن وما شهده العلماء والمتطلعون والباحثون والقراء من موسوعة شاملة ومتعددة الأجزاء بخمسين كتاب ودراسة جميعها تمثل هذه النهضة الحسينية فنهضة الإمام الحسين عليه السلام لم تكن كما يتصوره البعض نهضة سياسية فحسب إنها نهضة حضارية بكل معنى الكلمة فهي سياسية بالحجم التي تمثله ظاهرة الثورة على جميع عناوين الظلم والفساد والجبروت والتحكم بعيدا عن جميع العناصر الإسلامية والمبدئية والعقيدية لأهل البيت الأطهار ؛ وهي نهضة أورقت تلك الشجرة اليافعة النضرة لجميع المظاهر الحضارية والإنسانية والعلمية والأدبية والفكرية والفدائية في سبيل الإسلام والعقيدة في الأديان السماوية السمحة وفي الأديان غير السماوية وفي النظريات السياسية العالمية والإنسانية للكثير من العباقرة والسياسيين في عالم التحرر والنهضات في العالم . هاهنا تتألق موسوعة كربلاء الحضارية في جميع عنواناتها ومحاورها بين جميع الموسوعات القديمة والحديثة التي تعنى بالأطر المحلية . فمباركة هي الجهود البارعة والمتوثبة نحو التقدم والسؤدد ، ومباركة هي الجهود العاملة الفاعلة بدءا برئاسة تحريرها ومديريها والعاملين من وراء الكواليس من المصممين الى المنقحين الى المحققين الى المنضدين الى الذين أخرجوها في الطباعة بهذه الحلة الكربلائية المتناسقة والجميلة والى جميع من كانت لأصابع يديه ورجله وفكره وذهنه ومنظم تجليده وإرساء عنوانات مثل هذه الأعمال الطيبة فجزاهم الله خير الجزاء وأوفر الجزاء والأهم جدا مثابة الإمام الحسين عليه السلام وأخيه الإمام العباس عليه السلام والأئمة الأطهار الطيبين الفاضلين عليهم السلام.
أ. د.عبد الجبار ناجي