مدينة كربلاء المقدسة، تلك البقعة التي ارتبط اسمها بأهل بيت النبوة (عليهم السلام) وأصبحت على مرِّ التاريخ رمزاً من رموز الإيمان، ومصدراً للإلهام الروحي والمعنوي للمسلمين من مختلف بقاع العالم، احتضنت هذه المدينة المقدسة الى جانب مراقد عدد من آل بيت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، مراقد أبنائهم وأحفادهم والعلماء والرجال الصالحين الذين أثروا تاريخ الإسلام بقيمهم وتعاليمهم.
من المراقد التي احتضنتها تربة كربلاء مرقد السيد محمد الأخرس وهو السيد محمد بن أبي الفتح الأخرس بن أبي محمد بن إبراهيم بن أبي الغنائم بن عبد الله ابي علي الحسن بركة بن معصوم أبو الحسن ابن ابي الطيب احمد الأكبر ابن ابي علي الحسن ابن محمد الحائري ابن إبراهيم المُجاب بن محمد العابد بن الإمام موسى الكاظم (عليه السلام) وهو من السادة الأشراف الذين سكنوا ضواحي كربلاء وإليه ينتسب السادة الأفاضل (آل الخرسان) وبلقبه اشتهروا في محافظات العراق كافة.
يقع المرقد الشـريف في ضواحي مدينة كربلاء المقدسة في بساتين قبيلة آل مسعود ، على أحد فروع نهر الحسينية في مقاطعة الأبيتر التابعة لمنطقة الإبراهيمية في قضاء الحسينية، ويبعد عن مركز مدينة كربلاء من جهة الجنوب الشرقي بما يقرب من (12)كم ، ويمكن الوصول إليه خلال الطريق الرابط بين مدينة كربلاء المقدسة ومحافظة بابل مروراً بطريق الإبراهيمية الذي يقع المرقد الشريف على جانبه الجنوبي.
المرقد الشريف عبارة عن غرفة مربعة الشكل طول ضلعها (11) متراً، وبارتفاع(4) أمتار ، ويتوسطها القبر الشـريف الذي يحيطه شبّاك من الحديد المطلي باللون الذهبي بطول(3) أمتار وعرض(1,65) متر، تعلو المرقد قبةٌ صغيرة مخروطية الشكل, قد بانت عليها آثار القِدَم، فقد مرَّت عمارة الضريح بمراحل عدة ، وظل بسيطاً لمدة زمنية طويلة،حيث كانت مساحة المرقد تُقدَّر بـ (200) م2 ولكن بعد ضمِّ المرقد الى (الأمانة العامة للمزارات الشيعية الشـريفة) تمت توسعته فبلغت مساحته (2500) م2 وهو يحتوي الأن على حدائق جميلة، وساحات لجلوس واستراحة الزائرين.
إن مرقد السيد محمد الأخرس ليس مجرد موقع أثري أو ديني، بل هو شاهد حي على عمق ارتباط أهل كربلاء وعموم المسلمين بأهل البيت (عليهم السلام)، كما أنه يعكس الإرث الروحي والتاريخي الذي حملته كربلاء على مر العصور.
راجع
عبد الأمير القريشي،المراقد والمقامات في كربلاء،بيت العلم للنابهين،بيروت،2008،ط1،ص115