لكل بلد من البلدان رياضة تقليدية يعتز بها ويقيم لها البطولات والمواسم ، وحالها حال الفنون القتالية المعروفة في العالم كرياضة الكيندو والجودو بالإضافة إلى رياضة السومو ، كانت "الزورخانة" الرياضة الشعبية الأولى في العراق، وكان أبطالها يحظون باحترام وتقدير الأهالي فضلاً عن المسؤولين.
و"الزورخانة" كلمة فارسية تتألف من مقطعين "زور" بمعنى القوة و"خانة" بمعنى البيت فتكون بمعنى بيت القوة.
تاريخ الزورخانة في المنطقة تاريخ قديم ويعود بنا إلى طقوس المصارعة لدى السومريين والبابليين ، وقد مارستها شعوب الحضارات القديمة باعتبارها مزيج من عدة ألعاب رياضية متناسقة تؤدي إلى تكوين بنية جسمية سليمة يحتاجها المقاتل لكي يكون قادراً على استخدام السيف والرمح والترس وغيرها، ولذلك نرى أن الأدوات المستخدمة في هذه اللعبة لها علاقة بالأسلحة التقليدية، فمثلاً الأميال تستخدم لرفع كفاءة المقاتل في استخدام السيف والكبادة لرفع كفاءته باستخدام القوس والحجر و السنك لكفاءة استخدام الترس أو الدرع.
وتتطابق مهام الأدوات الأخرى مع الأسلحة المستخدمة في الجيوش القديمة
أما المكان الذي يتدرب فيه اللاعبون فيسمى بـ "الجفرة" وهو مكان منخفض تحيط به كراسي المتفرجين، ويرافقهم عادة "منشد" يجلس في موقع مرتفع يتلو التواشيح الدينية والمقام العراقي لإضفاء جو من القداسة، وأمامه جرس يقوم بقرعه لتنبيه الحاضرين حين يحضر النزال أو التمرين احدى الشخصيات المهمة.
كربلاء من المحافظات التي اشتهرت في هذه الرياضة الشعبية ولاقت اقبالاً جماهيرياً واسعاً وشهدت فيها نزالات وبطولات محلية ودولية وتأسست عدة أندية فيها منها :
. زورخانة المخيم وهو واحد من اقدم بيوت القوة في العراق يعود تاريخه الى بدايات القرن التاسع عشر وكان موقعه على ترعة المخيم المحاذي الى مدرسة السجاد الابتدائية (حالياً) وكانت تقام بها منازلات محلية ودولية منها ماحصل بين المصارع العراقي صبري الخطاط والمصارع الإيراني أغا سيف والذي فاز فيه الخطاط ،ومن ابرز المصارعين في هذا النادي حمود الفرحان، وكاظم الحسن ،وباقر الكيال ، وصادق الدهان.
. زورخانة الدباغية وتقع في محلة باب الخان في عكد الدباغية أسسها مصطفى الدباغ.
. زورخانة النجارين أسسها علي العطري الذي اصبح مدرباً للعبة فيما بعد.
.زورخانة العباسية وكانت تقع في منطقة العباسية الغربية.
.زورخانة باب النجف تأسست عام 1920م وتقع في منطقة الفسحة.
.زورخانة السعدية تأسست في اربعينيات القرن الماضي وكان موقعها في بستان الحاج مهدي عبد الحسين.
.زورخانة باب بغداد وكان موقعها في بستان آل ضياء الدين وكان المشرف على التدريب فيها عبد الكاظم الخفاجي.
.زورخانة باب السلالمة وكانت تقع في منطقة باب السلالمة مجاور مقهى نجم دواس والذي كان الأخير احد لاعبيها .
هذه الرياضة العريقة والتي تضاءل دورها في فترات حروب العراق المعاصرة كما تضاءل دور الفنون القتالية الآسيوية بعد الحرب العالمية الاولى والثانية ، استعادت بريقها القديم في السنوات الأخيرة ، فقد تأسس لها اتحاد وطني عراقي عام 2004، وشارك رياضيوها في بطولات دولية محققين انجازات مهمة منها المركز الأول في بطولة العالم عام 2008 في توسان الكورية والمركز الثاني عام 2010 في تركيا والمركز الأول في بطولة شباب آسيا عام 2011
ومن الجدير بالذكر أن الاتحاد الدولي للزورخانة الذي تأسس عام 2004 يضم الآن في عضويته أكثر من 55 بلداً، ويسعى إلى أن تكون هذه الرياضة ضمن فعاليات الأولمبياد العالمي خصوصاً بعد انتشارها في آسيا وأوروبا.
انظر
صاحب الشريفي ، كربلائيون في التراث الشعبي ، دار الفرات ، بابل، 2017،ط3،ص139