من المعروف أن مهنة "الحلاقة" يزاولها المختصون بها لعامة الناس، ومن النوادر أن تسمع عن حلّاق اختص بفئة محددة من المجتمع. هكذا كان الحاج مهدي الحلّاق الكربلائي المولود عام 1910م من أسرة دينية معروفة؛ فهو ابن العلامة كريم علي أحد العلماء الأفاضل آنذاك.
اشتغل في شبابه بالحلاقة، واختص بالعلماء ورجال الدين، منهم: السيد أبو الحسن الأصفهاني، والسيد حسين القمي، والشيخ علي الشاهرودي، والسيد محمد حسن آقا مير القزويني، والشيخ محمد الخطيب، والشيخ علي العيثان، والسيد محمد طاهر البحراني، والسيد مهدي الشيرازي، وغيرهم، حتى لقّب بـ "حلاق العلماء".
كان الحاج مهدي ظريف المعشر، فطن، يحفظ مجموعة من الأشعار والأحاديث والقصص ويسردها على الزبائن. كل هذا كان سبباً ودافعاً لتأليف كتاب "زينة الرجال" للأستاذ محمد حسين الأديب حول حلق اللحية وأحكامها، وقد استفتى مجموعة من الأعلام في ذلك وطبع الكتاب على نفقته الخاصة.
وممّا عُرف عنه دعمه الدائم للفقراء من خلال علاج مرضاهم مجاناً، وكانت داره مفتوحة للزائرين دائماً.
تم تهجيره من كربلاء عام 1980م مع استلام النظام البعثي للسلطة، وقام بتأسيس الحسينية الكربلائية في كاشان، واستمر في العطاء حتى توفي في الكويت عام 1986م ونقل جثمانه إلى قمّ المقدّسة وشُيّع تشييعاً حافلاً.
المصدر: مرتضى علي الأوسي، تاريخ الطب في كربلاء، 2017، ص206.