تعد ثورة العشرين العراقية نتيجة حتمية لعوامل داخلية أساسية وأخرى خارجية، نتج عنها تناقض في الآراء والمواقف بين الشعب العراقي والمحتل البريطاني وصل إلى الانفجار الذي توافرت أسبابه بأساليب التعامل وتضييق الحريات الاجتماعية والاستحواذ على خيرات البلد الاقتصادية، دون أن تدرك الإدارة البريطانية أن الوعي السياسي للعراقيين بلغ مستوى الفهم الصحيح للاستقلال منذ لحظة احتلالهم للعراق.
وبعد أن انكشفت نيات بريطانيا الحقيقية، اقتنع الشعب بأن النضال هو الطريق الوحيد لنيل الحرية والاستقلال، فكانت مدينة كربلاء المقدسة منطلق الدعوة لمحاربة البريطانيين، والتي نادى بها رجال الدين والوطنيين، وفي مقدمتهم المرجع الأعلى الشيخ محمد تقي الشيرازي (قدس سره) الذي قلب الأوضاع بتصريحاته المعارضة لسياسة بريطانيا في العراق، فكان موقفه سنداً قوياً للحركة الوطنية العراقية للتحرك في مواجهة قوات الاحتلال البريطانية.
بعد فشل الطرق السلمية لم يكن أمام الشيخ الشيرازي خيار سوى دعوة العراقيين للجهاد الذي كانوا ينتظرونه، فأصدر المرجع الاعلى فتواه الشهيرة التي سميت بالفتوى الدفاعية، دعا فيها قائلا:
"مطالبة الحقوق واجبة على العراقيين، ويجب عليهم من ضمن مطاليبهم رعاية السلم والأمن، ويجوز لهم التوسل بالقوة الدفاعية اذا امتنع الانكليز عن قبول مطاليبهم".
عندها أصبحت الثورة ذات غطاء شرعي واجب على جميع القادرين على حمل السلاح دفاعاً عن الوطن، وبهذه الفتوى المباركة انطلقت ثورة العشرين الوطنية في 30 حزيران 1920، عندها شهدت مدينة كربلاء المقدسة حركة مستمرة لزعماء الحركة الوطنية ورؤساء العشائر المشاركين في الثورة لعقد اجتماعاتهم وتوحيد مواقفهم لديمومة الثورة والحفاظ على الانتصارات التي تحققت في جبهات القتال.
ورغم نتائج الثورة على الصعيد العسكري إلا أن أهالي كربلاء وشخصياتها الدينية والوطنية قد أدوا دوراً بطولياً في الدفاع عن العراق ومقدساته، وأقنعوا رجال السياسة البريطانيين بصعوبة حكم العراق بالحديد والدم، وأن عليهم التفكير بجدية لإيجاد حل يرضي العراقيين بعد فشل مشروعهم الاستعماري، فاضطروا إلى الإعلان عن تشكيل حكومة عراقية لإدارة شؤون العراق لحين اختيار شخصية عربية لحكم البلاد، وهذا ما تم الإعلان به في آب 1921 بتنصيب الأمير فيصل الأول ملكاً على العراق، وكان ذلك بداية لتأسيس الدولة العراقية.