ثمار من شجرة سيّد الشهداء عليه السلام
بقلم/ محمد طهمازي
يرى المؤرخ البريطاني أرنولد توينبي في نظريته عن التحدي والاستجابة في كتابه (دراسة التاريخ) أن الحضارات تنهار حينما يفقد الناس قدرتهم على الابتكار. ونقول إن الحضارات تنهار حينما يفقد الناس قدرتهم على التحدي وهي القدرة المحفزة على الابتكار والابداع والصمود في وجه المصاعب والمصائب.
لقد مثّل استشهاد الإمام الحسين عليه السلام سنة 61 للهجرة نقطة تحوّل تاريخية لدى المؤمنين بقضيته فدأبوا على استحضار هذا الحدث سنوياً للتفكّر في دلالاته والاستفادة من دروسه ومعانيه. وكان هنالك تأكيد وحظ على إحياء ذكر آل البيت عليهم السلام انطلاقًا من هذه الانعطافة الدموية الصادمة حيث يقول الإمام الصادق عليه السلام: "أحيوا أمرنا رحم الله من أحيا أمرنا". هذه المقولة التي تشكّل توجيهًا مستمرًا للحفاظ على ديمومة قضية الحسين عليه السلام خصوصًا، كونها قمة الموجة في قضية أهل البيت عليهم السلام لأنها تشكّل معالم هوية الدين السماوي الحقيقيّة حيث هم المورد الحق للتعاليم والأخلاقيات وخلاصة السنن التي أراد الله تعالى للإنسان أن يتخلّق بها ويعتمدها في حياته عبر كل الرسالات السماوية وعلى لسان مختلف الرسل والأنبياء وشرائعهم ووصاياهم وكل طريقة خالفت هذا النهج أثبتت الأيام والسنين مدى النقص والتخبط فيها إن لم يكن الانحراف.
إن موقف الإمام الحسين عليه السلام سواء كان مع ثلة من أنصاره وحتى صار وحيدًا في أرض الأشلاء والدم في كربلاء هو تجسيد، رغم كونه مؤلمًا أشد الألم، للتحدي والثبات على النهج الحق والإيمان حتى الرمق الأخير بالثورة المحمدية التي قامت لتغيير حياة بنيت وفق أسس منخورة وموازين مختلة سادها الظلم والتفرقة العنصرية والطبقية في عمليةٍ تأصيلية للثورة ولوقع مذبحتها وكل كلمة قالها الحسين عليه السلام ومن استشهد معه وكل موقف فيها هو نفخ في الصور لإحياء مجتمع سقط أو على وشك السقوط في هوة السبات والموت السريري ليصحو من جديد وينتفض وينهض ويشرع في تشكيل هويته الأصيلة لا المستنسخة والمفروضة, هوية الوجود, هوية الكرامة, هوية الاستقلال, هوية التحدي والاستجابة معًا .. كيف ذلك؟
يتبع...