هو برير بن خضير الهمداني المشرقي من زيد بن جشم بن حاشد بن جشم بن خيران ابن نوف بن همدان، وبنو مشرق بطن من همدان، موطنه الكوفة.
ورد اسم برير بتسميات مختلفة منها (يزيد بن حصين الهمداني)، وذكره المحلي باسم(يزيد بن حضير المشرفي).
ونرى انما ورد من اسماء مختلفة سواءً اسمه- برير- أو اسم أبيه- نرجح انها مصحفة تحت عنوان برير بن خضير الهمداني.
قال شمس الدين: ذكره الطبري، وابن شهرآشوب وابن طاووس والمجلسي في بحار الأنوار مصحفا بـ( بدير بن حفير) وورد ذكره في الرجبية. وقد أورد سيدنا الأستاذ (3/289 ): (برير بن الحصين) وأسنده إلى الرجبية، والظاهر أن نسخة السيد مصحفة: خضير = حصين.
قال المامقاني: كان شجاعا تابعيا ناسكا قارئا من شيوخ القراء من أصحاب أمير المؤمنين عليه السلام، وكان من اشراف أهل الكوفة من الهمدانيين، له كتاب القضايا والأحكام يرويه عن أمير المؤمنين وعن الحسن عليه السلام وكتابه من الاصول المعتبرة عند الأصحاب.
وله في الطف قضايا ومواعظ لعموم أهل الكوفة وبعض الآحاد، وكلمات منقولة تكشف عن قوة إيمانه الى الغاية. مثل قوله للإمام الحسين عليه السلام والله يا بن رسول الله لقد من الله بك علينا أن نقاتل بين يديك تقطع فيه أعضاؤنا ثم يكون جدك شفيعنا يوم القيامة بين أيدينا، لا أفلح قوم ضيعوا ابن بنت نبيهم، أف لهم غداً ماذا يلاقون ؟ ينادون بالويل والثبور في نار جهنم.
دوره في كربلاء:
قال أبو مخنف عن عبد الله بن عاصم عن الضحاك بن عبد الله المشرقي قال فلما أمسىٰ حسين وأصحابه قاموا الليل كله يصلون ويستغفرون ويدعون ويتضرعون قال فتمر بنا خيل لهم تحرسنا وإن حسينا ليقرأ Pوَلَا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ خَيْرٌ لِأَنْفُسِهِمْ إِنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدَادُوا إِثْمًا وَلَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ 178 مَا كَانَ اللَّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ حَتَّى يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِبِ وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُطْلِعَكُمْ عَلَى الْغَيْبِ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَجْتَبِي مِنْ رُسُلِهِ مَنْ يَشَاءُ فَآَمِنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَإِنْ تُؤْمِنُوا وَتَتَّقُوا فَلَكُمْ أَجْرٌ عَظِيمٌ179O، فسمعها رجل من تلك الخيل التي كانت تحرسنا فقال نحن ورب الكعبة الطيبون ميزنا منكم قال فعرفته فقلت لبرير بن حضير تدري من هذا؟ قال:لا، قلت هذا أبو حرب السبيعي عبد الله بن شهر وكان شريفاً شجاعاً فاتكاً وكان سعيد بن قيس ربما حبسه في جناية فقال: له برير بن حضير يا فاسق أنت يجعلك الله في الطيبين؟ فقال له: من أنت قال أنا برير بن حضير قال إنا لله عز عليَ هلكت والله هلكت والله يا برير قال يا أبا حرب هل لك أن تتوب إلى الله من ذنوبك العظام فوالله إنا لنحن الطيبون ولكنكم لأنتم الخبيثون قال وأنا علىٰ ذلك من الشاهدين قلت ويحك! أفلا تنفعك معرفتك قال: جعلت فداك فمن ينادم يزيد بن عذرة العنزي من عنز بن وائل! قال: ها هو ذا معي قال قبح الله رأيك علىٰ كل حال أنت سفيه قال ثم انصرف عنا.
فلما حضر الناس وأقبلوا الى الحسين عليه السلام أمر عليه السلام بفسطاط، قال أبو مخنف: ثم دخل الحسين ذلك الفسطاط فتطلى بالنورة قال ومولاي عبد الرحمن بن عبد ربه وبرير بن حضير الهمداني علىٰ باب الفسطاط تحتك مناكبهما فازدحما أيهما يطلي علىٰ أثره فجعل برير يهازل عبد الرحمن فقال له عبد الرحمٰن دعنا فوالله ما هذه بساعة باطل فقال له برير والله لقد علم قومي أنى ما أحببت الباطل شابا ولا كهلا ولكن والله إني لمستبشر بما نحن لاقون والله إن بيننا وبين الحور العين إلا أن يميل هؤلاء علينا بأسيافهم ولوددت أنهم قد مالوا علينا بأسيافهم.
مباهلة برير ليزيد بن معقل:
قال أبو مخنف: وحدثني يوسف بن يزيد عن عفيف بن زهير بن أبي الأخنس-وكان قد شهد مقتل الحسين عليه السلام قال: وخرج يزيد بن معقل من بني عميرة بن ربيعة وهو حليف لبني سليمة من عبد القيس فقال: يا برير بن خضير كيف ترى الله صنع بك! قال: صنع الله والله بي خيرا وصنع الله بك شرا قال: كذبت وقبل اليوم ما كنت كذابا هل تذكر وأنا اماشيك في بني لوذان وأنت تقول: إن عثمان بن عفان كان علىٰ نفسه مسرفا وان معاوية ابن أبي سفيان ضال مضل وأن إمام الهدى والحق علي بن أبي طالب؟ فقال له برير: أشهد أن هذا رأيي وقولي فقال له يزيد بن معقل: فإني أشهد أنك من الضالين فقال له برير ابن خضير: هل لك فلأ بأهلِك ولندع الله ان يلعن الكاذب وان يقتل المبطل ثم اخرج فلأبارزك قال: فخرجا فرفعا ايديهما الى الله يدعوانه أن يلعن الكاذب وان يقتل المحقُ المبطلَ.
استشهاده:
قال أبو مخنف:ثم برز كل واحد منهما لصاحبه فاختلفا ضربتين فضرب يزيد بن معقل برير بن حضير ضربة خفيفة لم تضره شيئا وضربه برير بن حضير ضربة قدت المغفر وبلغت الدماغ فخر كأنما هوى من حالق وإن سيف ابن حضير لثابت في رأسه فكأني أنظر إليه ينضنضه من رأسه وحمل عليه رضي بن منقذ العبدي فاعتنق بريرا فاعتركا ساعة ثم إن بريرا قعد علىٰ صدره فقال رضى أين أهل المصاع (المجالدة) والدفاع قال فذهب كعب بن جابر بن عمرو الأزدي ليحمل عليه فقلت إن هذا برير بن حضير القارئ الذي كان يقرئنا القرآن في المسجد فحمل عليه بالرمح حتى وضعه في ظهره فلما وجد مس الرمح برك عليه فعض بوجهه وقطع طرف أنفه فطعنه كعب بن جابر حتى ألقاه عنه وقد غيب السنان في ظهره ثم أقبل عليه يضربه بسيفه حتى قتله.