سعت الطغمة الأموية الباغية بكل ما تملك من وسائل، وأساليب ماكرة، من أجل محو عاشوراء من الذاكرة، فوضعوا الأحاديث المبتدعة لتحويل يوم عاشوراء الى عيد إسلامي يبتهجون به إغاظة لآل الرسول صلى الله عليه وآله، وشيعتهم.
وقد سُئل ابن عباس (رضي الله عنهما) عن صيام يوم عاشوراء، فقال: "ما علمت أن رسول الله صلى الله عليه وآله صام يوما يطلب فضله على الأيام إلا هذا اليوم، ولا شهرا إلا هذا الشهر، يعني رمضان. (وحدثني) محمد بن رافع حدثنا عبد الرزاق أخبرنا ابن جريج أخبرني عبيد الله بن أبي يزيد في هذا الاسناد بمثله (وحدثنا) أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا وكيع بن الجراح عن حاجب بن عمر عن الحكم بن الأعرج قال: انتهيت إلى ابن عباس (رضي الله عنهما)، وهو متوسد رداءه في زمزم، فقلت: له أخبرني عن صوم عاشوراء، فقال: إذا رأيت هلال المحرم، فاعدد وأصبح يوم التاسع صائما، قلت: هكذا كان رسول الله صلى الله عليه وآله يصومه، قال: نعم، (وحدثني) محمد بن حاتم حدثنا يحيى بن سعيد القطان عن معاوية بن عمرو حدثني الحكم بن الأعرج قال: سألت ابن عباس رضي الله عنهما وهو متوسد رداءه عند زمزم عن صوم عاشوراء بمثل حديث حاجب بن عمر (وحدثنا) الحسن بن علي الحلواني حدثنا ابن أبي مريم حدثنا يحيى بن أيوب حدثني إسماعيل بن أمية أنه سمع أبا غطفان بن طريف المري يقول: سمعت عبد الله بن عباس (رضي الله عنهما) يقول: حين صام رسول الله صلى الله عليه وآله يوم عاشوراء، وأمر بصيامه، قالوا: يا رسول الله، إنه يوم تعظمه اليهود والنصارى، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله ، فإذا كان العام المقبل، إن شاء الله، صمنا اليوم التاسع، قال: فلم يأت العام المقبل حتى توفي رسول الله صلى الله عليه وآله.
ومن أوضح المصاديق على بطلان حديث صوم عاشوراء، وإنه من الموضوعات الأموية، ما قاله زعيم النواصب ابن تيمية: "قال حرب الكرماني: سألت أحمد بن حنبل عن هذا الحديث، فقال: لا أصل له، وليس له إسناد ثابت، إلا ما رواه سفيان بن عيينة عن إبراهيم بن محمد بن المنتشر عن أبيه أنه قال بلغنا أنه من وسع على أهله يوم عاشوراء،"الحديث- وابن المنتشر كوفي سمعه ورواه عمن لا يعرف ورووا أنه من اكتحل يوم عاشوراء لم يرمد ذلك العام، ومن اغتسل يوم عاشوراء لم يمرض ذلك العام، فصار قوم يستحبون يوم عاشوراء الاكتحال والاغتسال والتوسعة على العيال وإحداث أطعمة غير معتادة، وهذه بدعة أصلها من المتعصبين بالباطل على الحسين رضي الله عنه ".
ومن الأدلة القطعية على بطلان صوم عاشوراء، وأن الحديث من الموضوعات:
وتأسيسًا على ما تقدم، يتضح لنا دون أدنى شك، أن الروايات الخاصة بصوم يوم عاشوراء وفرحه، روايات مكذوبة لا تمت الى الحقيقة بصلة، وأن ما يقوم به قسم من المحسوبين على المسلمين من صوم وفرح وابتهاج، إنما هو احياء للسنة اليهودية، التي استنتها الطغمة الأموية البغيضة، وليس إحياءً للسنة النبوية.
فأما بني امية فأنهم احتفلوا باليوم العاشر من المحرم لقتلهم الحسين عليه السلام فقد لبسوا فيه ما تجدد وتزينوا، وأكتحلوا، وعَيَّدوا، وأقاموا الولائم والضيافات، وطَعِموا الحلوى والطيبات؛ وجرى الرسم في العامة على ذلك أيام ملكهم وبقى فيهم بعد زواله عنهم.
الأستاذ عبد الأمير القرشي
باحث إسلامي