ثمار من شجرة سيّد الشهداء عليه السلام
بقلم/ محمد طهمازي
إن للعقل دورٌ واضحٌ في استلهام العِبَر واستخلاص الدروس من الحوادث والنكبات التي يمرّ بها الأفراد والشعوب سواء كانت معاصرة أو قديمة عاصرها آباؤهم وأجدادهم، هذا من جانب، ومن جانب آخر يضطلع العقلُ بمهامَّ فكريّة إبداعيَّة وبحث علمي توصل الى مرحلة تسمى بالحضارة.
حينما نذكر الحضارة فنحن بلا شك نستحضر باقة تبدأ بالعقل ولا تنتهي بالفكر والفنون والثقافة. لقد كلّف شحذ أذهان أولى المجموعات البشرية آلاف من السنين لتدخل ملكات وعيهم الفطريّة مرحلة الفعاليَّة والتقييم والمنطقيّة في رؤيتها للأشياء والظواهر والربط فيما بينها، وأصبح التفكير من يومها عنصرًا أساسيًّا وفعالاً في توجيه نشاطات الإنسان الذي وضع بذلك قدميه على بداية طريق الحضارة، وهناك من يعتبر تلك الطاقة أو المقدرة التي أطلق عليها العقل هي باكورة ابتكارات الانسان.
عرّف الباحث في تاريخ الحضارات العالم الإنجليزي ومؤسس علم الحضارة الثقافية إدوارد تايلور Edward Tylor الحضارة بأنها مجموع المعرفة والمعتقد والفن والأخلاقيات والقوانين والتقاليد والقدرات والمهارات والسلوكيات التي يكتسبها الإنسان كعضو في المجتمع.
لكن ماذا عن الدور الروحي للإنسان في الحضارة. هل هو دور مهمّش لا أهمية له أم أن له دورًا محوريًّا لا يمكن الاستغناء عنه؟!
إن الحضارة هي المظهر المادي للبنية الروحية للإنسان، كما يعتقد الباحث الألماني في علم الإنسان وعلم الأديان فلهلم شميت W. Schmidt، أي أن الحضارة انعكاس لمدى النضج الروحي للإنسان وتسامي أخلاقياته ومدى ارتقاء رؤيته للحياة ووعيه بالتعاطي مع القيم الفكرية والعلمية والفنية وتوظيفها لإيجاد شكل أفضل للعيش. وهذا كله لا يتحقّق إلا نتيجة اشتغال الانسان على نفسه كفرد وهذا الفرد يشكّل نواة للمجتمع الذي بمجموع سلوكياته ومنظومته الأخلاقية يقتدي برمز أو رموز قيادية تتقدّمه في الفترة الزمنية الحاضرة أو في الماضي.
يتبع..