أحمد فرج
قال الإمام أبو عبد الله الصادق عليه السلام :(( إنّ الله تبارك وتعالى ليُعطي العبد من الثواب على حسن الخُلق كما يُعطي المجاهد في سبيل الله ، يغدو عليه ويروح . ))
القيم الأخلاقيّة هي :
نظامٌ متكونٌ من المبادئ والمعاني السامية، المُستنبطة من الكتاب والسنّة، الموافقة للفطرة البشريّة، المكتسبة من الفَهْم الدقيق للدِّين الإسلاميّ، والتي تضبط سلوكيات التعامل بين الناس، للوصول بالفرد والمجتمع لسعادة الدُّنيا والآخرة .
يأتي الدين كأول مصدر تشريعي للقيم النبيلة، التي أتى بها الرسول محمد صلى الله عليه وآله وسلم في رسالته السماوية والتي كانت الأخلاق ومكارمها هي المرتكز الأساس لها.
ما نتحدث عنه اليوم هو أخلاقنا ومفهوم الأخلاق في المجتمع المعاصر فهي مجموعة من القيم والمبادئ التي تحرك الأشخاص داخل المجتمع ولكن ويا للأسف ما يحدث الآن هو تدهور في الأخلاق بشكل كبير الأمر الذي ترتب عليه ظهور الفساد والظلم والنفاق وتقديم المصالح الشخصية، وكل هذه إنما هي نتائج لتدني الأخلاق .
السؤال الذي ينبغي أن نجد له جوابا هو ما السبب في تدهور الأخلاق في مجتمعاتنا؟ حيث نجد بعض الآراء التي تقول إن السبب في ذلك هو الفقر والبطالة وتفشي ظاهرة البطالة عند الشباب الذي لا يجد ما يشغله فيدفعه ذلك إلى الابتعاد عن القيم كردة فعل تجاه المجتمع الذي لم يوفر له الحياة الكريمة ومن مظاهر هذا التمرد على المجتمع هو ظاهرة زيادة التحرش . و من الأسباب المهمة التي يجب أخذها بعين الاعتبار هو انعدام التربية السليمة المبنية على الأسس القيمية والأخلاقية والمستندة إلى أساليب التربية الحديثة المتناسبة مع هذا الزمن ومع هذا الجيل فمع كل الأسف لم تعد الأسرة تهتم بتنشئة أبنائها تنشئة دينية أخلاقية سليمة كما أن عدم وجود رقابة في المنزل على تصرفات الأولاد الذي سببه التفكك الأسري الحاصل الآن، وانشغال الأبوين بالأمور المادية فقط وهناك الكثير من الاسباب التي لا يسعنا ذكرها هنا .
وإصلاح فساد الأخلاق مسؤولية المجتمع كله بدءا من رجال الدين والخطباء ودورهم في توعية الشباب وكذلك هي مسؤولية الأسرة التي لا بد أن تتبع أساليب التربية السليمة ومراقبة سلوك أولادهم. ويشكل الإعلام وكيفية انتقاء ما يقدمه من مواد تعرض للمجتمع سببا مهما وجوهريا من أسباب انحراف الشباب وابتعادهم عن القيم الأخلاقية. كما لا ينبغي اغفال دور المساجد والإمام المربي والموجه والذي يجب أن يسأل ويتفقد أحوال الشباب.
فالأخلاق هي أساس الشعوب وتاجها وإذا تدهورت تلك الأخلاق أو حدث بها أي خلل تدهور المجتمع كله، فلا ننسى بيت الشعر الشهير لأمير الشعراء أحمد شوقي
وإنما الأمم الأخلاق ما بقيت فإن هم ذهبت أخلاقهم ذهبوا
فانتبهوا يا سادة فإن الأخلاق هي قوام المجتمع ويجب إصلاحها حتى نرتقي بمجتمعنا
هل هناك فرق بين القيم والأخلاق؟
إنّ أجمل ما يميز الإنسان هو تمسكه بالقيم وتحليه بالأخلاق الحسنة، وممّا هو أكثر نقاء أن تكون أخلاق المجتمع كلها حسنة، وإنّ كلمتي القيم والأخلاق كثيرًا ما تَرِدان متلازمَتَين مع بعضهما، حتى صار من الشائع أنهما مترادفتان ومتلازمتان مع بعضهما في أي نقاش أو حوار تربوي اجتماعي .
ببعض التمعن وإمعان النظر في الكلمتين، والبحث في المصادر والمراجع المختلفة نجد أنّه ثمة فرق بين كلمتي القيم والأخلاق،
فمن الناحية اللغوية: القيم جمع مفرده القيمة، وهي بمعنى الأهمية والمكانة والقدر، أو هي المبدأ والأصل، أمّا الأخلاق فهي الصفات التي يتّصف بها سلوك الإنسان أو سلوك المجتمع، ومنها ما هو حسن مقبول، ومنها ما هو سيء مرفوض، فالأخلاق منها ما هو ذو قيمة ومكانة، ومنها ما هو خلاف ذلك .
استنادًا إلى هذا الفرق بين القيم والأخلاق، يُمكن القول إنّ تغيير أخلاق المجتمع يمكن أن يحصل من خلال محاولة تغيير قيم أفراد المجتمع أو أغلبية أفراد المجتمع، وتعديل هذه القيم لما فيه خير للمجتمع وأخلاقه، فأخلاق المجتمع كالشجرة التي أصابت بعض أوراقها حشرة ضارة، فلا بد من تهذيب هذه الأوراق ورقة ورقة، وتقويم أوراق الشجرة بصبرٍ وتأنٍ، لتصير شجرة سليمة يانعة مشرقة .
لذلك أكد العديد من الفلاسفة والمفكرين على طبيعة الذات البشرية وحاجتها للتحول من النزعة الفردية إلى الاختلاط الجماعي والبحث عن الاندماج. المجتمع كرمز هو هيكل يجمع بين طياته عموم البشر، باختلاف الجنس والعمر والدين، تجمع بينهم روابط القيم والأخلاق. إلا أن القيم الإنسانية النبيلة شهدت تدهور واضمحلال كبير داخل المجتمع الذي أصبح في الطريق إلى إعادة إنتاجه وتشكيله
ومما لا شك فيه أن الفساد الأخلاقي موجود في كل وقت وحين.. كان في الماضي وسيكون في الحاضر وسيظل إلى قيام الساعة؛ مادام الخير والشر موجودين ومتدافعين. لكن الخير في أمتنا إلى يوم القيامة. ولكم أن تعلموا.. أن أي ضربة نتلقاها هنا وهناك تزيد من يقين الناس أن التشبث بتعاليم شرعنا هو طريق النجاة ودرب النجاح ومسلك الفلاح.
لا أشك أن العاقل لا يشك أن للاستعمار والاستشراق دورا في الفساد الذي تسرب إلى مجتمعاتنا ونعلم أن هناك أيادي تريد لأهل العفة الفساد عن طريق قلم مأجور أو إعلام مفسد موجه يستهدف شبابنا وشاباتنا وأمتنا حتى يتمكن من إضعافنا. بل الخطر يأتي من العربي المستغرب حيث يريد لمجتمعه أن يكون نسخة من ذلك المجتمع الذي عايشه واعجب به.
ليس بالضرورة ان يمثل المقال رأي الموقع ، انما يمثل رأي كاتبه .