د.أمل الأسدي
قال الله تعالی :
(( فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللَّهِ لِنتَ لَهُمْ ۖ وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ...))آل عمران ، الآية : 159
إن القرآن الكريم دستور إلهي، ومشروع سماوي اختاره الله ليكون تحولا من خط المعجزات المادية الى المعجزات المعنوية، وهذا المشروع ركز في مواضع كثيرة على الارتقاء بالإنسان، والسعي الى تحضره وقولا، ومن هذه المواضع قوله تعالى المذكور آنفا، فقد تحدث رب العزة عن شرط التأثير في الآخر وجذبه ألا وهو ( اللين) أي أن تكون سهل الأخلاق، طيب الكلام، واسع الصدر، وبخلاف ذلك تكون ( فظا، غليظ القلب) والفظاظة هي خشونة الكلام ،وهي جفاء الأسلوب والإساءة الى الآخر.
و( غليظ القلب) أي قاس، متشدد، خشن المعاملة، فاجتماع الفظاظة في القول مع غلظة القلب تؤدي الى نتيجة حتمية ، وهي الانفضاض!!
والفضّ، وانفض الناس أي تفرقوا ، وفضّ القوم أي فرقهم!!
ونلحظُ الاشتراك الصوتي بين: ( الظاء الذي تكرر مرتين، والضاد) في الصفات ومنها الجهر ( اي احتباس النفس حين النطق) والرخاوة ( أي جريان الصوت) والاستطالة
( اي امتداد اللسان حين النطق) وهذا الاشتراك في الصوت ، كوّن صورةً سمعيةً تعكس حال التلازم بين ( الفظاظة والغلظة والانفضاض) فالأولى والثانية تؤدي الى الثالثة (الانفضاض) اي التفرق والابتعاد ؛ لذا كان رسول الله الأعظم لينا هاشا باشا، فهو الذي أدبه الله وأحسن تأديبه، وبهذا الخلق الرفيع هيمن بمحبته على قلوب الآخرين، بل هيمن على المخلوقات كلها.
وعليه ينبغي لمن يوجه رسالة ما الى الآخر ، أو يحاور شخصا آخر ، أن يضع هذه القاعدة نصب عينيه( لافظاظة، لاغلظة) حتى ينجح في إيصال رسالته، بشكل سليم بعيد عن التجريح والإساءة، فيكون مقتديا بالرسول الأعظم ( صلى الله عليه وآله).