تولى الإمام علي ابن الحسين السجاد بعد استشهاد ابيه الإمام الحسين (عليهم السلام) الإمامة، وكان المجتمع يسوده الحزن المفجع على واقعة الطف الأليمة لاستشهاد سيد شباب اهل الجنة واهل بيته واصحابه البررة وما تلتها من سبي النساء وحمل الرؤوس المقطعة على الرماح، وكذلك بعد ثورة المدينة وإباحتها من قبل جيش يزيد . تفاقمت المسألة فكان الإمام تحت المراقبة الشديدة من قبل أجهزة السلطة فلذلك بدأ بأسلوب جديد في أداء دوره القيادي في الأمة من خلال نشر التربية لعامة الناس والتوعية السياسية مستثمرا حالة الحزن والانتباه للخطأ واليقظة لدى الناس والشعور بالذنب كذلك كان يظهر مظلومية أبيه الحسين (عليه السلام) بين الحين والآخر ويصور آلام الطف التي مرت عليهم في يوم عاشوراء وهو آنذاك كان مريضا سقط عنه الجهاد لحكمة ربانية فيروي آلام السبي والأسر ليلهب مشاعر الناس بالحماس والإيمان وحب الانتقام من الظالمين والقتلة، فضلا عن اتباعه لأسلوب الدعاء لغرض التربية الروحية والإقدام والتهيؤ والإعداد للدور المستقبلي المنتظر وكان هذا الأسلوب في التربية هو الأنجح لتربية الأجيال في مدرسة الإيمان والرسالة والإخلاص.
لقد بث في الأمة الإسلامية روح الدين التي رضت الاستبداد والطغيان من أجل إقامة حكم الله والعمل من أجل إنقاذ الإنسان من براثن الظلم والعبودية وبالفعل يكفي أن نعرف أن ثورة زيد بن علي المعروفة قادها ابن الإمام السجاد (عليه السلام) وقد رباه الإمام هذه التربية الصالحة في الشجاعة والجهاد ليثور على الظالمين . هذا وقد أشرف على ثورة المدينة المنورة وفي زمانه حدثت ثورة التوابين في العراق بقيادة سليمان بن صرد الخزاعي ربيب الأئمة (عليهم السلام) ورعى الإمام السجاد ثورة المختار بالكوفة من بعيد مراعاة للظروف باعتباره يقود كل الثورات الثقافية والفكرية والجهادية في الأمة وكان يهيئ الأجواء للساعة الجهادية المناسبة حتى خافته السلطة ودست له السم فيات شهيدة مظلوما تاركا آثار أسلوبه الرائع والمناسب لتلك الظروف العاتية برنامجا لكل المخلصين عبر الزمن، وبذلك جسد لنا الامام علي ابن الحسين أفضل واروع ما يجسده الابطال من دور قيادي في دفع الظلم ومحاربة الطغاة والوصول بالأمة الى بر الأمان.
المصادر
1. الدكتور محمد حسين علي الصغير، موسوعة اهل البيت الحضارية - الامام زین العابدین ص 20/2
٢. السيد محسن الأمين العاملي، الصحيفة السجادية - الدعاء 49 ص ۱۲۸-۱۲۹
٣. د. مني علي دعيج، م. احلام احمد عيسی، الامام علي بن الحسين (السجاد) درب من دروب العقيدة الاسلامية والفكر المجيد.
امير كامل جواد