ذكرت بعض مصادر التاريخ أن سبايا آل الرسول (صلى الله عليه وآله) طلبوا من الوفد الموكل بحراستهم أن يعرج بهم إلى كربلاء ليجددوا عهدا بقبر سيد الشهداء (عليه السلام)، فلبى الوفد طلبهم فانعطفوا بهم إلى كربلاء، ولما انتهوا إليها استقبلن العلويات مرقد أبي عبد الله الحسين (عليه السلام) بالصراخ والعويل وسالت الدموع كل مسيل وقضين أياما ثلاثة كن من أثقل الليالي وأوجعها على أهل البيت فلم تهدأ لهم عبرة حتى بحت الأصوات وتفتت القلوب.
وقالت السيدة زينب (عليها السلام) للدليل مرة: "لو عرجت بنا على كربلاء فأجاب الدليل محزوناً: أفعل، ومضى بهم حتى أشرفوا على الساحة المشؤومة، وكان قد مضى على المذبحة يومئذ أربعون يوماً، وما تزال الأرض ملطّخة ببقع من دماء الشهداء وبقيّة من أشلاء غضة، عفا عنها وحش الفلاة وناحت النوائح، وأقمن هناك ثلاثة أيّام، لم تهدأ لهن لوعة، ولم ترفأ لهن دمعة.
ورد في رواية أخرى تنقلها أسناد الرواية المعتبرة مفادها : "انّ يزيد (لعنة الله) أمر برد السبايا والأسارى من الشام إلى المدينة المنوّرة في الحجاز ، مصطحبين بالرؤوس ، تحت إشراف جماعة من العرفاء ، يرأسهم النعمان بن بشير الأنصاري ، فلمّا بلغ الركب أرض العراق في طريقه إلى مدينة الرسول قالت السيدة زينب (عليه السلام) للدليل : مر بنا على طريق كربلاء ، ومضى بهم حتّى أشرفوا على ساحة القتل المشؤومة وكان جابر بن عبد الله الأنصاري الصحابي الجليل ، وجماعة من بني هاشم ، ورجال من آل الرسول صلّى الله عليه وآله وسلّم قد وردوا العراق لزيارة قبر الحسين عليه السلام.
وتصرح بعض المصادر أن الصحابي الجليل جابر بن عبد الله الأنصاري قد وفد إلى التشرف بزيارة قبر أبي عبد الله فالتقى الإمام علي بن الحسين زين العابدين (عليه السلام) وأخذ يحدثه عما جرى عليهم من صنوف الرزايا والنكبات، ثم غادروا كربلاء متوجهين إلى المدينة.
ومنذ ورود سبايا أهل البيت إلى كربلاء المقدسة في الأربعين الأول لشهادة الإمام الحسين (عليه السلام) ولم تنقطع إلى اليوم ورود قوافل عشاق الإمامة لزيارة الإمام في أربعينيته، بل زاد الزحف المليوني عاما بعد عام رغم ممانعة الطواغيت وتعسفهم.
واليوم تشاهد كل الطرق المؤدية إلى مدينة كربلاء المقدسة يتزاحم عليها عشاق الإمام للوصول إلى قبره المبارك في العشرين من صفر يوم زيارة الأربعين، كما ان كل الطرق المؤدية إلى المدينة المقدسة تزدحم بمواكب المشاة، طريق بغداد كربلاء، طريق الحلة كربلاء، طريق النجف كربلاء، وقد نصبت المواكب والهيئات الحسينية خيامها وسرادقها لتقدم الخدمات لهذه الوفود الزاحفة إلى كربلاء، من كل الأعمار كبار السن، شباب، نساء، أطفال رضع، يسيرون مشاة ليستذكروا ما عانته حرائر النبوة من طواغيت بني أمية، وليحيوا ذكرى شهادة سيد الشهداء وأبا الأحرار الحسين بن علي (عليه السلام).
المصدر/ اللهوف في قتلى الطفوف، السيد ابن طاووس، ص٨٦.