الشطُ بفتح أوله وتشديد ثانيه هو جانب النهر، والشاطئ من الوادي أو النهر هو أيضاً ضفته وجانبه. فيكون شط الفرات وشاطئ الفرات بهذا الاعتبار ضفة الفرات وجانبه لغة. وهما اسمان مترادفان لهذه البقعة لوقوعها على جانب الفـرات، ويُراد بهـمـا كربلاء بنوع خاص في أكثر الموارد. فكانت تعرف كربلاء حيناً بشط الفرات وآخر بشاطئ الفرات على سبيل الوصف حسب الظاهر، لأنها واقعة على طرف البرية من جهة، وعلى جانب الفرات من جهة أخرى وهو الفرات الذي يمر بها . وهذا من الموارد التي اجتمع الاسم والوصف معاً لتعيين هذه البقعة.
وكثيرا ما ورد ذكر كربلاء بأحد هذين الاسمين في كتب الحديث والخبر والتاريخ، فمن ذلك ما روي عن أمير المؤمنين (عليه السلام) قال :
" دخلت على النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وعيناه تفيضان. قلت يا نبي الله أغضبك أحدٌ؟ ما شأن عينيك تفيضان؟ قال قام من عندي جبريل (عليه السلام) قبل وحدثني أن الحسين يُقتل " بشط الفرات"، قال فقال هل لك إلى أن أشمَك من تربته. قلت نعم. فمـد يده فقبض قبضة من تراب فأعطانيها فلم أملك عيني أن فاضتا".
وقد ورد هذا الاسم لكربلاء أيضاً في ( الأمالي للصدوق) عن ابن عباس قال : " كنت مع أمير المؤمنين (عليه السلام) في خروجه إلى صفين. فلما نزل بنينوى وهي بـ " شط الفرات" قال بأعلى صوته : يا ابن عباس أتعرف هذا الموضع ؟ - قلت: لا، ما أعرفه يا أمير المؤمنين. فقال : لو عرفته كمعرفتي لم تكون تجـوزه حتى تبكي كبكائي. قال : فبكى طويلاً حتى اخضلت لحيته وسالت الدموع على صدره وبكينا معه وهو يقول : آه آه مالي ولآل أبي سفيان؟ مالي ولآل حزب الشيطان وأولياء الكفر ؟ صبراً، صبراً أبا عبد الله، فلقد لقى أبوك مثل الذي تلقاه منهم".
ومثله ما رواه الصدوق أيضاً في " جامع الأخبار" عن أبي الحسن الرضا (عليه السلام) قال : " من زار قبر أبي عبد الله (عليه السلام) بشط الفرات كان كمن زار الله فوق عرشه".
فالمقصود من شط الفرات وشاطئ الفرات في هذه الأحاديث هو كربلاء بلا ريب، بقرينة ما جاء في الأحاديث الأخرى عن مقتل الحسين (عليه السلام) بكربلاء. وهذان الاسمان معروفان لحد اليوم في العرف والاستعمال، فيقال مثلاً : فندق شط الفرات، أو منزل شاطئ الفرات، وأمثال ذلك. وليس هذا النوع من الاستعمال إلا بناءً على الوصف المعروف لهذه الأرض، وإطلاق هذين الاسمين على كربلاء ليس – في الواقع - إلا لأن كربلاء واقعة على امتداد الأراضي الزراعية الواقعة على طول هذا الشاطئ، فيكون من قبيل إطلاق اسم الكل على الجزء وصفاً.
المصدر: السيد عبد الجواد الكليدار آل طعمة، جغرافية كربلاء القديمة وبقاعها، قسم الشؤون الفكرية والثقافية في العتبة الحسينية المقدسة، 2016، ص 72-74.