أخذ عدد الذين يبايعون مسلماً (عليه السلام) من أهل الكوفة يتزايد يوما بعد يوم، فلما بلغ هذا العدد ثمانية عشر ألفاً، كتب مسلم ابن عقيل (عليه السلام) إلى الإمام (عليه السلام) بذلك، وبعث الكتاب مع قيس بن مسهر الصيداوي، وأصحابه عابس بن أبي شبيب الشاكري وشوذباً مولاه، وكان نص الرسالة "أما بعد، فإن الرائد لا يكذب أهله، وقد بايعني من أهل الكوفة ثمانية عشر ألفاً، فعجل الإقبال حين يأتيك كتابي هذا، فإن الناس كلهم معك ليس لهم في آل معاوية رأي ولاهوى، والسلام".
ومع تزايد عدد المبايعين لمسلم (عليه السلام) والتفاف الناس حوله، كان لابد للأمر أن يفشوا بين الناس في الكوفة، ويصبح موضوع مسلم (عليه السلام) وقضية انتظار الناس لمجيء الإمام حديث الساعة يومذاك في المساجد والبيوت والأسواق والطرقات، فلما تعاظم الأمر واخترق حجب الستر، علم النعمان بن بشير بن سعد الخزرجي والي الكوفة آنذاك بالتحولات الجديدة وأحس بالخطر الداهم فصعد المنبر، فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال "أما بعد، فاتقوا الله عباد الله، ولا تسارعوا إلى الفتنة والفرقة، فإن فيهما يهلك الرجال وتسفك الدماء وتغصب الأموال.
ومنذ ذلك اليوم توالت التقارير المرفوعة من قبل الأمويين وعملائهم وجواسيسهم في الكوفة إلى يزيد في الشام تخبره بمستجدات حركة الأحداث في الكوفة، وبموقف النعمان بن بشير منها، وقد أجمعت هذ التقارير المرفوعة إلى يزيد تقول: فإن كان لك بالكوفة حاجة فابعث إليها رجلاً قوياً، ينفذ أمرك ويعمل مثل عملك في عدوك، فإن النعمان بن بشير رجل ضعيف أو هو يتضعف".
الشيخ محمد جواد الطبسي، مع الركب الحسيني من المدينة الى المدينة، مركز كربلاء للدراسات والبحوث ص61