عند الاطلاع على سيرة الإمام الصادق (عليه السلام) نرى ازدهار العلم في عهده، كما نقف عند الجهود العظيمة الاستثنائية التي بذلها الإمام الصادق (عليه السلام) في نشره للعلوم من خلال الوسائل المتاحة آنذاك، فازدادت أماكن التعليم ودخل الآلاف من طلبة العلم في مجالس التعليم، ونهلوا من فكر الإمام الصادق (عليه السلام).
الإمام الصادق (عليه السلام) نذر أيامه جميعها للعلم، وللتعليم، وللفقه، ولأداء الفرائض التي تقوّي الإرادة وتدعمها، وتزيد من نموذجية الأهداف التي سعى إليها الإمام (عليه السلام)، ومن ثم زرعها في قلوب ونفوس المسلمين، فمنحه هذا السعي الحثيث مكانة كبيرة بين طلابه، وقد أطلقوا عليه ألقابا كثيرة وصفات عظيمة يستحقها، كونها أُخِذَت من صلب شخصيته، ومن أعماله الكبيرة وأقواله الكريمة، وسعيه لتنوير الجميع بعلْمهِ، ومنها (الصادق، العاطر، الطاهر، الفاضل، الكافل، المنجي، القائم) وأشهرها هو (الصادق) حيث شاع هذا اللقب وصار بديلاً عن اسمه.
وقد أشاد الإمام الباقر (عليه السلام) أمام أعلام شيعته بفضل ولده الصادق (عليه السلام) قائلا: "هذا خير البريّة".
كما قال عمه زيد بن علي عن عظيم شأنه فقال: "في كل زمان رجل منّا أهل البيت يحتج الله به على خلقه وحجة زماننا ابن أخي جعفر لا يضلّ من تبعه ولا يهتدي من خالفه".
كما ذكر مالك بن أنس: "ما رأت عين ولا سمعت أذن ولا خطر على قلب بشر أفضل من جعفر بن محمّد الصادق علماً وعبادة وورعاً".
لم تكن هذه الفضائل والصفات وحدها تشكل الشخصية الفريدة للإمام الصادق (عليه السلام)، بل رافقها ما هو أجلّ وأعظم، ونعني بذلك إتقانه العلوم كافة، وتعليمها، وبلوغ أسرارها العميقة، ولم يكتفِ (عليه السلام) بهذا التحصيل ولا بهذا الحد من إتقان ومعرفة العلوم المختلفة، بل قدّمها لكل من يرغب بالتعلّم، فكان (عليه السلام) عالِما ومعلما في نفس الوقت.