في الخامس من جمادي الأول ولدت بطلة كربلاء السيدة زينب الكبرى (عليها السلام)، بنت أمير المؤمنين وفاطمة الزهراء (عليهما السلام) وأخت الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة، تلك التي ناضلت وواجهة الظلم بجانب أخيها سيد الشهداء في كربلاء وأن جميع ما قامت فيه السيدة زينب (عليها السلام) من دور بطولي في واقعة الطف قد يجعلنا نكتفي بالقول أن المرأة أدت ما عليها من دور مشرف بل وفوق طاقتها، فلا نعلم عبر التاريخ أن امرأة أدت هذا الدور كما أدته السيدة زينب (عليها السلام ) في مثل هكذا موقف، كما أنها تستحق وفق تلك الرؤية للأحداث آن نقول عنها أنها لعبت دورا كبيرا في ثورة أخيها الإمام الحسين (عليه السلام)، فكانت خير أنيس وأفضل رفيق ، كانت خير مدافع وأمين اؤتمن على ابن أخيها الإمام السجاد (عليه السلام).
لكن واقع الأحداث بعد انتهاء المعركة يشير أن السيدة زينب (عليها السلام) لم تتوقف عند هذا الحد فحسب، إنما يمكن القول إن السيدة زينب (عليها السلام) بدأت حقا من حيث استشهد الإمام الحسين (عليه السلام)، بدأت حقا لتكمل ما بدأ به الامام الحسين (عليها لسلام)، فما استشهاده إلا كان بداية الدور الحقيقي للسيدة زينب (عليها السلام) في تلك الثورة الحسينية المقدسة.
أن الثورة الحسينية لم تنتهي باستشهاد الإمام الحسين (عليه السلام) في ساحة المعركة، إنما بدأت حقا باستشهاده، وقد لا نغالي حينما نقول أن السيدة زينب (عليها السلام) كانت أول من بدأت ذلك الدور الجهادي ضد الأمويين بعد استشهاد الإمام الحسين (عليه السلام) وسار الناس من بعدها على هذا المنوال، ولكنها لم تكن تحارب بسيف أو رمح أو نبل إنما كانت تقاتل بلسانها وفصاحتها العلوية الهاشمية المعروفة، فحينما دخل بهم إلى الكوفة مقر الوالي الأموي عبيد الله بن زياد، لم تدخل السيدة زينب (عليها السلام) مدخل الذل والهوان وحاشا تلك المرأة العلوية الطاهرة من الذل والهوان، فما أن دخلت الكوفة وألقت خطبتها التاريخية الكبيرة في قصر بني أمية والتي أرادت بتلك الخطبة إيقاظ الشعور الوجداني عند أهل الكوفة الذين كانوا يوما ما أتباعاً لوالدها أمير المؤمنين (عليه السلام)، وقد نجحت في ذلك نجاحا كبيرا بعد أن أخذت تؤنب أهل الكوفة لخذلانهم الإمام الحسين (عليه السلام) وامتناعهم عن تقديم يد العون والمساعدة، فكان خطابها ذلك اشعر أهل الكوفة أنهم حقا قد ظلموا أخيها الإمام الحسين (عليه السلام)، مما دفعهم ذلك إلى المضي قدما للتكفير عن ذنوبهم، وبدءوا بذلك القيام بالاشتراك بسلسلة طويلة من الثورات المتعاقبة على الدولة الأموية، تلك الثورات التي كانت سببا رئيسا في إضعاف الدولة الأموية ومن ثم سقوطها المبكر عام 132 هــ ، كــثورة التوابين وثورة زيد بن علي وغيرها من الثورات التي كانت تنادي بدماء آل بيت الرسول (صلى الله عليه وآل وسلم).